جريمة الظهران.. تفاصيل مروعة تهز المجتمع السعودي
في مشهد صادم أثار غضبًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، شهدت مدينة الظهران بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية جريمة مروعة راح ضحيتها الدكتور عبدالملك قاضي، أحد الشخصيات الأكاديمية البارزة في البلاد. الجريمة، التي وقعت داخل شقته في أحد المجمعات السكنية، ليست فقط مأساوية في تفاصيلها، بل إنها تعكس مأساة إنسانية أعمق، حين يُغدر بالخير على يد من أحسن إليه.
من هو الدكتور عبدالملك قاضي؟
الدكتور عبدالملك قاضي، أستاذ جامعي معروف، شغل في السابق مناصب أكاديمية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وهو صاحب مؤلفات علمية في مجال الحديث النبوي، وقد عرف عنه التواضع والعطاء، وكان من أصحاب الأيادي البيضاء في مجتمعه. كما كان يعاني من ظروف صحية صعبة، ويقضي حياته على كرسي متحرك، ما جعله يعتمد في بعض شؤونه على خدمات التوصيل.
بداية الجريمة: الثقة التي قُتلت
بحسب روايات موثوقة نقلتها قناة “العربية”، فإن الجاني – وهو مقيم مصري يعمل في بقالة قريبة – اعتاد توصيل الطلبات للدكتور عبدالملك. وقد ربطت بينهما علاقة إنسانية مبنية على الثقة، حيث كان المغدور كريمًا معه، يعطف عليه ويمنحه المال دون مقابل.
لكن هذه الثقة تحولت إلى مدخل لجريمة بشعة، حين قرر الجاني استغلالها بطريقة غادرة، من أجل الحصول على المال، مدفوعًا بديون متراكمة في بلاده، وفق ما صرحت به وزارة الداخلية لاحقًا.
ليلة الجريمة: تفاصيل مرعبة
في الليلة التي سبقت الحادثة، توجه الجاني إلى المجمع السكني الذي يقيم فيه الدكتور عبدالملك، وأخبر الحارس بأنه يحمل طلبًا منزليًا كالمعتاد. وبالفعل، ضغط جرس الشقة، وفتح الدكتور عبدالملك الباب مطمئنًا، دون أن يدرك أنه يستقبل قاتله.
وفور فتح الباب، قام الجاني بتسديد 10 طعنات قاتلة للدكتور عبدالملك، مما أدى إلى سقوطه أرضًا دون مقاومة تُذكر بسبب حالته الصحية.
الاعتداء على الزوجة والحارس
لم يكتفِ الجاني بجريمته ضد الدكتور، بل توجه بعدها مباشرة إلى زوجته، التي توسلت إليه أن يتركها مقابل المال، لكنه لم يرحم توسلاتها، وسدد لها 4 طعنات، قبل أن تفر بأعجوبة وتبلغ الحارس.
الحارس بدوره حاول التدخل وإيقاف الجاني، إلا أنه تلقى عدة طعنات، مما مكن القاتل من الهرب من الموقع.
محاولة الفرار… والنهاية في المطار
وفقًا لما أوردته وزارة الداخلية، فقد توجه الجاني مباشرة إلى المطار بهدف مغادرة البلاد والفرار إلى مصر. لكن الأجهزة الأمنية، التي تلقت البلاغ فورًا من الزوجة، باشرت تحرياتها بسرعة وكفاءة، لتتمكن من القبض على الجاني قبل صعوده إلى الطائرة.
تم اقتياد القاتل والتحقيق معه، وأحالته الجهات المختصة إلى النيابة العامة، لاستكمال الإجراءات القانونية بحقه، تمهيدًا لمحاكمته أمام القضاء السعودي.
دافع الجريمة: المال مقابل الحياة
بحسب بيان رسمي صدر عن وزارة الداخلية السعودية، فإن دافع الجريمة كان السرقة، حيث اعترف الجاني بوجود ديون كبيرة عليه في بلده، أراد تسديدها بأي وسيلة، حتى وإن كانت بقتل رجل أحسن إليه.
وقد أثار هذا الاعتراف موجة استنكار واسعة، حيث تساءل كثيرون: كيف يمكن للإنسان أن يقتل من وثق به، لمجرد دافع مادي؟ هل أصبحت القيم تُباع وتُشترى بهذه السهولة؟
ردود الفعل على مواقع التواصل
لم تمر الجريمة مرور الكرام، حيث تصدّر وسم #جريمة_الظهران مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية خلال ساعات قليلة، وتفاعل معه آلاف المغردين الذين عبّروا عن غضبهم وحزنهم، مطالبين بإنزال أقصى العقوبات على الجاني.
كما تداول المغردون مقاطع قديمة للدكتور عبدالملك قاضي، يظهر فيها وهو يقدم العلم والوعظ الديني، ويتحدث عن الأخلاق وقيم التسامح، ما زاد من حالة الأسى على فقدانه بهذه الطريقة المأساوية.
تشييع الجنازة.. دموع لا تجف
تم تشييع جثمان الدكتور عبدالملك قاضي يوم الخميس الماضي في مدينة الظهران، بحضور حاشد من محبيه وطلابه، وزملائه من الوسط الأكاديمي والدعوي.
وقد أجمعت الكلمات التأبينية التي قُدمت في جنازته على وصفه بـ “الرجل النقي”، و”الوجه البشوش الذي لم يعرف العداوة”، و”المدرسة في الصبر والإيمان”.
كلمة أخيرة: حين يُغدر بالخير
جريمة الظهران ليست مجرد حادثة قتل، بل هي جرس إنذار للمجتمع حول أهمية الحذر، حتى في العلاقات التي تبدو آمنة. كما أنها تفتح بابًا للنقاش حول فئة العمالة التي قد تستغل الثقة لأهداف غير مشروعة، وهو ما يستدعي تشديد الرقابة الأمنية والإدارية.
لكن رغم كل ذلك، فإن الصورة الأعظم التي تخرج من هذه المأساة هي صورة الدكتور عبدالملك قاضي، الذي سيبقى في الذاكرة رمزًا للعطاء والتسامح والكرامة، وسيظل اسمه محفورًا في قلوب من عرفوه وعاشوا في ظلال علمه وخلقه.