الدكتورة عبلة المرزوق.. سيرة وطنية خالدة في ذاكرة الكويت والخليج

وفاة الدكتورة عبلة المرزوق

مع إعلان نبأ وفاة الدكتورة عبلة خلف سعد المرزوق، خيم الحزن على الوسط الكويتي والخليجي، فقد رحلت واحدة من الرموز الوطنية التي أسهمت في ترسيخ قيم الوفاء والانتماء، وخلدت اسمها في سجل الشرف الوطني، ليس فقط داخل الكويت بل على امتداد الخليج.

الرحيل الصامت لسندريلا المرقاب

في صباح يوم الأحد، نُقل خبر وفاة الناشطة الكويتية والطبيبة المختصة في الجراحة والعناية المركزة، الدكتورة عبلة المرزوق، عن عمر ناهز 68 عاماً. وقد أكدت وسائل الإعلام الكويتية، وعلى رأسها جريدة الراي، هذا الخبر المفجع، وسط حالة من الحزن العارم بين من عرفوا الدكتورة عن قرب أو تابعوا مسيرتها الوطنية الغنية.

عبلة المرزوق، التي عُرفت بلقب “سندريلا المرقاب”، لم تكن مجرد ناشطة اجتماعية أو طبيبة في ميدانها، بل كانت صوتاً للوطن، وصورة مشرقة للمرأة الكويتية القوية التي لم تتردد يوماً في الدفاع عن بلادها، خصوصًا خلال فترة الغزو العراقي الغاشم، حين جسدت أسمى معاني الشجاعة والوفاء في وجه آلة الحرب.

مواقف بطولية في وجه الاحتلال

تميزت الدكتورة عبلة بمواقفها الصلبة إبان الغزو العراقي للكويت عام 1990، حيث ظهرت بدور وطني مشرف لا يُنسى. رفضت مغادرة البلاد رغم التهديدات، وأسهمت في تقديم الرعاية الطبية والإغاثية للمتضررين، حتى أصبحت رمزًا للمقاومة المدنية الشريفة.

لم تكن مجرد شاهدة على الأحداث، بل كانت في قلبها، تقود، وتلهم، وتواسي، وتعمل بصمت في أحلك ظروف الكويت.

من الجراحة إلى التوعية الوطنية

إلى جانب مكانتها كطبيبة مرموقة، برزت عبلة المرزوق كصوت اجتماعي مؤثر، حيث ركزت جهودها خلال العقود الماضية على التوعية بأهمية الهوية الوطنية، وتعزيز ثقافة الولاء والانتماء، وخصوصاً في أوساط الشباب.

لم تقتصر رسائلها على القضايا السياسية، بل شملت تمكين المرأة، وتعزيز التضامن الخليجي، وتكريس قيم التعاون والمصير المشترك بين شعوب الخليج.

ولعل أكثر ما ميزها كان إيمانها العميق بوحدة الخليج، إذ لطالما أكدت في لقاءاتها الإعلامية وندواتها بأنها “كويتية وتحب السعودية”، في إشارة إلى الروابط المتينة بين أبناء الجزيرة العربية.

رسالة إنسانية راسخة

بجانب عملها المهني، شاركت عبلة المرزوق في العديد من المبادرات الإنسانية، وكانت داعمة قوية للأنشطة الخيرية والتوعوية. شغلت مناصب استشارية في عدد من الجمعيات الطبية والاجتماعية، وأسهمت في إعداد برامج دعم وتمكين للمرأة، خاصة في المناطق الأقل حظًا.

لم تكن ترى في الطب مهنة فقط، بل وسيلة لخدمة الإنسان، بغض النظر عن جنسه أو هويته أو طبقته الاجتماعية. وبهذا المعنى، تجاوزت كونها طبيبة إلى أن أصبحت نموذجًا لقيمة “الطبيب الإنسان”.

الحزن يعم الكويت والخليج

أثار نبأ وفاتها موجة تعاطف واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث نعاه عدد من الشخصيات العامة والنشطاء، مؤكدين أن رحيلها يشكل خسارة للوطن والقيم التي تمثلها.

وسارع كثيرون إلى تداول مقاطع وصور لها من مواقف وطنية مشهودة، مجددين العهد على السير على نهجها، ومواصلة ما بدأته من مشروعات خدمة اجتماعية ووطنية.

إرث لا يُنسى

إن الحديث عن عبلة المرزوق ليس رثاءً عابرًا، بل هو استدعاء لقيمة إنسانية ووطنية ستبقى ماثلة في ذاكرة الأجيال. فقد عاشت الراحلة مخلصة لوطنها، وودعته على ذات النقاء الذي عُرفت به.

وداعًا دكتورة عبلة، وداعًا لصوت صادق لا يُنسى، ستظل سيرتك تروى بفخر، ونضالك يُدرّس، وحبك للكويت والخليج محفورًا في قلوب كل من عرفك أو تأثر بك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى