أسباب وتفاصيل اغتيال حسين سلامي في طهران اليوم.. تحليل أمني شامل
في ضربة وصفت بأنها الأخطر على الإطلاق منذ استهداف قاسم سليماني عام 2020، أكدت وكالة تسنيم الإيرانية، فجر الجمعة 13 حزيران/ يونيو 2025، مقتل اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، في هجوم جوي إسرائيلي استهدف قلب العاصمة طهران.
وجاءت هذه العملية ضمن سلسلة غارات مكثفة شنّتها إسرائيل على مواقع عسكرية وأمنية استراتيجية داخل إيران، بالتزامن مع تصاعد التوتر الإقليمي بسبب الملف النووي والتحركات الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان.
من هو حسين سلامي ويكيبيديا؟
اللواء حسين سلامي وُلد عام 1960 بمحافظة كلستان شمال إيران، وتخرج من كلية الهندسة الجوية، ثم التحق بالحرس الثوري عام 1980 مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية. تدرج سريعًا في صفوف الحرس، وشغل منصب نائب القائد العام قبل أن يعينه المرشد الأعلى علي خامنئي في عام 2019 قائدًا عامًا للحرس الثوري خلفًا للواء محمد علي جعفري.
يُعرف سلامي بخطابه الثوري الحاد وتصريحاته النارية المعادية لإسرائيل والولايات المتحدة، وكان أحد أبرز الوجوه التي تمثل “العقيدة الصلبة” للحرس الثوري، الداعية إلى المواجهة المفتوحة مع الغرب وتوسيع النفوذ الإقليمي.
الضربة الجوية الإسرائيلية على طهران
في تمام الساعة الثانية والنصف فجر الجمعة، هزّت انفجارات متتالية مناطق شمال ووسط طهران. وأعلنت وسائل إعلام محلية عن إطلاق كثيف للنيران من المدفعية المضادة للطائرات، فيما أكدت القناة 13 الإسرائيلية وقوع ستة انفجارات على الأقل، استهدفت مراكز حساسة يُعتقد أن سلامي كان موجودًا في إحداها.
العملية وُصفت بأنها “أكثر دقة من اغتيال فخري زاده”، إذ استهدفت شخصيات محددة، من بينها اللواء غلام علي رشيد، نائب رئيس الأركان، ومحمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة، وعدد من مسؤولي الملف النووي والعسكري.
السبب الحقيقي وراء استهداف حسين سلامي
تحليل دوافع العملية يقودنا إلى الاعتبارات التالية:
- سلامي كان قائدًا ميدانيًا مباشرًا للأنشطة الإيرانية في سوريا ولبنان.
- قاده التنسيق مع الحرس الثوري في العراق واليمن.
- كان مسؤولًا عن تخطيط الهجمات بالطائرات المسيّرة.
- ترأس لجنة دعم الجماعات المسلحة في غزة خلال المواجهات الأخيرة.
كل هذه الملفات جعلت منه هدفًا بالغ الأهمية لإسرائيل، خاصة وأنه كان قد ظهر مؤخرًا في تدريبات مشتركة مع وحدات الدفاع الجوي الإيرانية، وشارك في تحضيرات لسيناريو “رد شامل” على أي ضربة خارجية.
رسائل إسرائيل من العملية
تُعد عملية اغتيال سلامي رسالة مزدوجة:
- رسالة إلى الداخل الإيراني، بأن خطوط القيادة لم تعد آمنة حتى في قلب طهران.
- رسالة إلى الولايات المتحدة وأوروبا، بأن إسرائيل قادرة على التصرف منفردة دون انتظار توافق دولي.
ويُعتقد أن الهدف من تصفية سلامي هو إحداث فراغ في هيكلية الحرس الثوري، وإرباك منظومة الردع الإيرانية التي تعتمد على مركزية القرار بيد عدد محدود من القادة.
تداعيات مقتل حسين سلامي
مقتل قائد الحرس الثوري يعني دخول إيران في مرحلة غير مسبوقة من التحديات الأمنية والعسكرية، حيث يُتوقع:
- إعادة هيكلة قيادية طارئة داخل الحرس الثوري.
- احتمالية تصعيد كبير على الجبهات المرتبطة بإيران، خاصة في لبنان وسوريا والعراق.
- احتمال قيام طهران برد عسكري غير مباشر عبر المليشيات.
- زيادة حالة الغليان الشعبي في الداخل الإيراني، في ظل توتر داخلي بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي.
ردود الفعل الإيرانية
رغم أن القيادة الإيرانية التزمت الصمت في الساعات الأولى، إلا أن عدة مصادر إعلامية موالية للنظام وصفت العملية بـ”العدوان المباشر على السيادة الوطنية”، وتوعدت برد قاسٍ “يفوق الرد على اغتيال سليماني”.
كما أُعلن عن اجتماع عاجل للمجلس الأعلى للأمن القومي، بحضور وزير الدفاع وقادة الحرس الثوري، وبدأت نشر بطاريات جديدة في محيط المنشآت النووية تحسبًا لهجوم جديد.
المجتمع الدولي.. صمت حذر
أوروبا اكتفت بالدعوة إلى “التهدئة وضبط النفس”، بينما امتنعت واشنطن عن التعليق المباشر، وسط أنباء عن سحب جزئي لبعض البعثات الدبلوماسية من طهران، في إجراء احترازي.
أما روسيا والصين، فقد نددتا بـ”العمل العدواني” وأشارتا إلى ضرورة وقف التصعيد وتجنب المواجهة المباشرة.
ماذا يعني غياب حسين سلامي عن المشهد؟
سلامي لم يكن مجرد قائد عسكري، بل هو أحد أبرز رموز المشروع العسكري الإيراني في الإقليم. كان يمتلك نفوذًا يتجاوز الحدود، وأدار علاقات عسكرية حساسة مع حزب الله، الحشد الشعبي، الحوثيين، وسرايا القدس.
كما كان مشاركًا في توجيه السياسات الدفاعية الإيرانية بالتنسيق مع المرشد الأعلى، ويُعتبر من أبرز العقول التي أعادت بناء عقيدة الردع الإيرانية الحديثة.
هل كانت العملية دقيقة؟
وفق تقارير استخباراتية نشرتها وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية، فإن الضربة تمت باستخدام طائرات F-35 مجهّزة بنظام تشويش إلكتروني متطور، عبر الأجواء العراقية، بمساعدة صور الأقمار الصناعية وطائرات استطلاع مسيرة فوق دير الزور.
وأفاد مصدر في الاستخبارات الغربية أن سلامي تم تتبعه على مدى أسبوعين، بعد رصد اجتماعات أمنية في مقر قيادته، وأثناء مبيته في منشأة عسكرية تم استهدافها بدقة بصاروخين فرط صوتيين.
مقارنة باغتيال قاسم سليماني
بينما كان اغتيال سليماني يمثل ضربة سياسية، فإن مقتل حسين سلامي يُعد صفعة عسكرية مباشرة، حيث يُنظر إليه على أنه المهندس التنفيذي للمشروع الإيراني العسكري، بعكس سليماني الذي كان يركز على العلاقات الخارجية والعمليات الميدانية عبر فيلق القدس.
مستقبل الحرس الثوري بعد سلامي
من المتوقع أن يبدأ صراع داخلي صامت على خلافة سلامي، بين قادة الصف الثاني في الحرس الثوري، خاصة أولئك المرتبطين بمؤسسات اقتصادية وميدانية. وقد يُعين مرشد الجمهورية شخصية أكثر راديكالية، في رسالة رد على الاغتيال، مما يزيد من احتمالية التصعيد.
الخلاصة
مقتل حسين سلامي هو تطور نوعي في الحرب الباردة بين إسرائيل وإيران، ينذر بمرحلة مختلفة تمامًا من الصراع. وقد يكون الحدث الذي يغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة.