تحليل: سبب اغتيال غلام علي رشيد اليوم وتداعيات ذلك على الأمن الإقليمي

في تطور هو الأخطر منذ عقود في الصراع الإقليمي، أكد التلفزيون الإيراني الرسمي صباح اليوم الجمعة، 13 يونيو / حزيران 2025، مقتل الجنرال غلام علي رشيد، نائب قائد الجيش الإيراني، إثر استهدافه في غارة جوية إسرائيلية على العاصمة طهران. هذا الإعلان الذي جاء بعد ساعات من دوي انفجارات هائلة في محيط مواقع عسكرية حساسة، هزّ الداخل الإيراني وأعاد رسم المشهد الأمني في المنطقة.

وفيما نفت إسرائيل رسميًا مسؤوليتها المباشرة، إلا أن وسائل إعلام عبرية أكدت أن العملية نُفّذت ضمن “حملة ردع إستراتيجي” تستهدف رموز القوة العسكرية الإيرانية، في مقدمتهم القادة الكبار الذين يعتبرون من صقور الحرس الثوري والداعمين للبرنامج النووي والصاروخي الإيراني.

من هو غلام علي رشيد ويكيبيديا السيرة الذاتية؟

الجنرال غلام علي رشيد من أبرز العسكريين الإيرانيين، ويُعرف بتاريخه الطويل في القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية. تولى قيادة مقر “خاتم الأنبياء” وهو أعلى هيئة قيادة عسكرية عملياتية في إيران، وكان يُعتبر اليد اليمنى للمرشد الأعلى علي خامنئي في المسائل الاستراتيجية المتعلقة بالحروب المحتملة والجاهزية الدفاعية.

شارك في الحرب العراقية الإيرانية، وتقلّد مناصب قيادية عليا منذ أوائل التسعينيات، وكان مسؤولًا مباشرًا عن تنسيق خطط الدفاع والردع الاستراتيجي، بما في ذلك الملفات المرتبطة بتطوير الأسلحة الدقيقة والطائرات المسيّرة.

ما الذي يجعل مقتل غلام علي رشيد ضربة استراتيجية؟

في إيران، لا يُعد غلام علي رشيد مجرد قائد عسكري؛ بل هو مخطط استراتيجي وقائد رفيع يشغل منصبًا أشبه بمساعد وزير الدفاع ومستشار أمني للمرشد الأعلى، وله تأثير مباشر على المؤسسة العسكرية والسياسية في آن واحد.

وقد مثّل لسنوات طويلة “صندوق الأسرار” للسياسات الدفاعية الإيرانية، ولهذا يُعتبر اغتياله تطورًا خطيرًا يُقوّض هيكل القيادة العسكرية الإيرانية في لحظة حرجة، خاصةً مع تصاعد التوتر الإقليمي وازدياد الضغوط الغربية على طهران.

تفاصيل الضربة الإسرائيلية على طهران

بدأت الهجمات في الساعة 2:30 فجراً بتوقيت طهران، حين دوّت سلسلة انفجارات في العاصمة الإيرانية، تبعتها أصوات مضادات جوية ومدفعية ثقيلة. وأكدت وسائل إعلام محلية أن أحد الأهداف كان مقرًا عسكريًا سريًا في شمال طهران، يُعتقد أنه يضم مركز عمليات القيادة العسكرية العليا.

وفيما أعلنت القناة 12 الإسرائيلية عن وقوع 6 انفجارات قوية استهدفت منشآت عسكرية واستخباراتية، فقد أظهرت صور الأقمار الصناعية أضرارًا كبيرة في محيط مقر قيادة الجيش و”مقر خاتم الأنبياء”، حيث كان الجنرال غلام علي رشيد يُقيم.

ما السبب الحقيقي لاستهداف غلام علي رشيد؟

بحسب تحليلات عسكرية، فإن غلام علي رشيد كان يضطلع بدور محوري في ما يُعرف بـ”المواجهة غير المباشرة” مع إسرائيل، وهو من كبار مؤيدي “تكتيك الرد بالوكلاء”، حيث كان من أبرز المنسقين بين إيران وحلفائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وتشير معلومات متقاطعة إلى أن رشيد كان يُشرف على خطط الطوارئ في حال اندلاع حرب مع إسرائيل، وكان يقود واحدة من أهم غرف العمليات المشتركة الإيرانية، والتي يُعتقد أنها شاركت مؤخرًا في توجيه مسيرات هجومية استهدفت منشآت إسرائيلية وأمريكية في المنطقة.

كل هذه المؤشرات تدفع باتجاه أن عملية اغتياله لم تكن عشوائية، بل عملية نوعية هدفت إلى شل قدرة القيادة الإيرانية على اتخاذ قرار سريع في حال نشوب حرب واسعة.

ردود الفعل داخل إيران وخارجها

أعلنت مصادر رسمية في طهران حالة “الاستنفار القصوى” داخل المؤسسة العسكرية، وبدأت وحدات الحرس الثوري في نشر بطاريات دفاع جوي إضافية قرب المراكز النووية في نطنز وأراك وأصفهان.

كما صدرت تصريحات عن مسؤولين إيرانيين تؤكد أن الرد قادم “في المكان والزمان المناسبين”، بينما توعدت قيادات في الحرس الثوري بالانتقام لمقتل رشيد وباقي القادة الذين استهدفوا في الضربة.

أما على الصعيد الدولي، فقد أعربت عدة عواصم أوروبية عن “قلقها العميق من التصعيد”، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التعليق المباشر، مكتفية بدعوة “جميع الأطراف إلى ضبط النفس”.

من يقف خلف عملية الاغتيال؟

رغم أن إسرائيل لم تُعلن رسميًا مسؤوليتها، فإن مصادر أمنية أكدت أن العملية تمّت بالتعاون بين الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ووحدة سلاح الجو، باستخدام طائرات شبحية عبرت الأجواء العراقية والسورية دون أن تُرصد.

ويُعتقد أن المعلومات الاستخباراتية حول تحركات رشيد تم جمعها على مدار أشهر، وبتنسيق مع مصادر داخلية متعاونة، حيث تم استهداف الموقع بدقة متناهية، ما يدل على اختراق أمني كبير داخل البنية العسكرية الإيرانية.

ما بعد رشيد: هل تنهار منظومة القيادة في إيران؟

اغتيال غلام علي رشيد يفتح الباب على مصراعيه أمام إعادة هيكلة طارئة في قيادة الجيش الإيراني. فالرجل الذي ظل لعقود يملك مفاتيح القوة في المؤسسة العسكرية، ليس من السهل تعويضه، خاصة في ظل وجود صراع داخلي خفي بين الحرس الثوري والجيش التقليدي.

وقد تؤدي وفاته إلى تصعيد حاد بين التيارات المختلفة داخل المؤسسة العسكرية، فضلًا عن إرباك محتمل في تنفيذ الخطط الدفاعية الكبرى، ومنها ملف الدفاع عن المنشآت النووية في حال اندلاع مواجهة مباشرة.

هل يكون الرد الإيراني مباشرًا؟

يرى محللون أن الرد الإيراني على مقتل رشيد سيكون مُركبًا، يجمع بين الأسلوب الرمزي والأسلوب التصعيدي غير المباشر، عبر تحريك حلفاء إيران في سوريا ولبنان، أو عبر شن هجمات إلكترونية أو بالطائرات المسيّرة على منشآت إسرائيلية.

في المقابل، يبدو أن إسرائيل أعدّت نفسها لمثل هذا السيناريو، وقد بدأت بنشر القبة الحديدية ومنظومة “مقلاع داوود” في عدة مناطق حساسة، تحسبًا لأي رد صاروخي أو جوي.

رسائل وراء الاغتيال

عملية اغتيال غلام علي رشيد تحمل أكثر من رسالة:

  • رسالة لإيران بأن قياداتها ليست بمنأى عن الضربات، حتى داخل العمق الإيراني.
  • رسالة للمنطقة أن إسرائيل مستعدة للذهاب بعيدًا في تحجيم النفوذ الإيراني.
  • رسالة للمجتمع الدولي بأن الوقت قد حان لاتخاذ موقف صارم من البرنامج النووي الإيراني.

الخلاصة

مقتل غلام علي رشيد ليس حدثًا عابرًا، بل نقطة تحول حقيقية في مسار المواجهة بين إيران وإسرائيل. ومع اقتراب موعد الانتخابات الإيرانية، واحتمال تصعيد الملف النووي، فإن غياب رشيد عن المشهد يفتح الباب أمام متغيرات دراماتيكية قد تطيح بتوازنات قائمة منذ سنوات.

الختام

من خلال هذا التقرير، نستعرض تفاصيل وملابسات سبب مقتل غلام علي رشيد في غارة إسرائيلية نوعية، ونحلل أبعاد العملية وتداعياتها على مستقبل الصراع في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى