من هو اللواء محمد باقري ويكيبيديا؟ سيرة ذاتية كاملة لرئيس الأركان الإيراني
في تطور وصف بأنه “زلزال أمني”، أفادت وسائل إعلام إيرانية وغربية متطابقة بأن اللواء محمد حسين أفشردي، المعروف باسم محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، قد اغتيل فجر الجمعة 13 يونيو/ حزيران 2025، في عملية نوعية نفذتها إسرائيل داخل طهران. ورغم أن الإعلان الرسمي من طهران لم يصدر بعد، إلا أن مصادر موثوقة أكدت مقتله، في ضربة وصفت بأنها الأقوى ضد رأس الهرم العسكري الإيراني منذ اغتيال قاسم سليماني.
اللواء محمد باقري ويكيبيديا السيرة الذاتية
اللواء محمد حسين أفشردي، المولود في عام 1958 بمحافظة أذربيجان الغربية شمال غرب إيران، يُعد واحدًا من أبرز القادة العسكريين الذين شكلوا الواجهة العسكرية الإيرانية خلال العقود الثلاثة الأخيرة. اشتهر لاحقًا باسم محمد باقري، وهو شقيق اللواء الراحل حسن باقري، الذي كان نائب قائد القوة البرية للحرس الثوري الإيراني.
برز اسم محمد باقري مبكرًا خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980–1988)، حيث التحق بالحرس الثوري بعد الثورة الإسلامية مباشرة عام 1979، مع اندلاع التمرد الكردي في المناطق الحدودية شمال غربي إيران، وشارك في عمليات ميدانية حساسة أكسبته خبرة استخباراتية ميدانية عالية، كان لها أثر كبير في صعوده السريع.
رحلته داخل المؤسسة العسكرية
منذ انضمامه للحرس الثوري، تدرّج اللواء باقري في عدة مواقع قيادية مؤثرة. في بداية التسعينيات، تولّى مسؤولية ملف الاستخبارات والعمليات ضمن هيئة الأركان الإيرانية، وشارك في التنسيق المباشر بين الحرس الثوري والجيش النظامي، في وقت كانت فيه المؤسسة العسكرية الإيرانية تسعى لتوحيد الرؤية بين جناحيها بعد نهاية الحرب.
كما عُيّن في مناصب عليا مثل:
- مساعد القيادة العامة للقوات المسلحة لشؤون الاستخبارات.
- مساعد رئيس هيئة الأركان للشؤون المشتركة.
- منسق العمليات المشتركة بين فروع القوات المسلحة.
وفي 28 يونيو 2016، أصدر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، قرارًا بتعيينه رئيسًا لهيئة الأركان العامة، خلفًا للواء حسين فيروز آبادي، ليصبح بذلك أعلى مسؤول عسكري في إيران بعد القائد العام.
بصماته في ملفات الداخل والخارج
تميزت مسيرة اللواء محمد باقري بامتدادات واسعة تجاوزت حدود إيران الجغرافية، حيث كان أحد أبرز من صاغوا الاستراتيجية الإيرانية في دعم الجماعات المسلحة خارج البلاد، خاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وتولى مهام تنسيق الدعم اللوجستي والتقني للحشد الشعبي العراقي، وحزب الله اللبناني، والحوثيين في اليمن، ضمن إطار ما تسميه إيران “محور المقاومة”.
المواجهة مع الفصائل الكردية
خلال فترة التسعينيات، تولى اللواء باقري قيادة العمليات الاستخباراتية ضد الفصائل الكردية المسلحة داخل الأراضي الإيرانية، لا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وحزب كوملة. وقد خاض معارك شرسة على الشريط الحدودي مع العراق، ونسّق مع الأكراد العراقيين ضد نظام صدام حسين آنذاك.
كان باقري يدير خطوطًا استخباراتية معقّدة في المناطق الكردية، ويُعرف عنه اتخاذ قرارات صارمة في ما يخص التعامل مع “التمرد الداخلي”، وقد أثبتت هذه المرحلة قدرته على إدارة الجبهات المفتوحة على حدود متعددة.
الشبكة القيادية للحرس الثوري
اعتُبر اللواء محمد باقري ركنًا أساسيًا في “الشبكة القيادية” للحرس الثوري، إلى جانب أسماء بارزة مثل:
- اللواء محمد علي جعفري (القائد السابق للحرس الثوري).
- اللواء غلام علي رشيد (قائد مقر خاتم الأنبياء).
- اللواء علي فدوي (نائب القائد العام للحرس).
هذه المجموعة كانت تشكّل حلقة صناعة القرار العسكري داخل النظام الإيراني، وتنسّق بشكل دائم مع مكتب المرشد الأعلى، في ما يُعرف بالغرفة الاستراتيجية العليا.
باقري والملف النووي الإيراني
رغم أنه لم يكن على رأس البرنامج النووي، إلا أن باقري كان أحد أبرز المؤيدين لتطوير القدرات النووية “الدفاعية”، وكان يتولى الإشراف الأمني على مراكز الأبحاث العسكرية الحساسة، ويقدّم تقارير مباشرة لخامنئي حول الجاهزية الدفاعية الشاملة في حال نشوب أي مواجهة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة.
اغتياله: تطور نوعي في الصراع الإيراني الإسرائيلي
اغتيال باقري، إن تأكد رسميًا، يُعد نقطة تحوّل فارقة في مسار المواجهة بين إسرائيل وإيران. فالضربة الإسرائيلية لم تستهدف مجرد قائد ميداني، بل أصابت “العقل الاستراتيجي” الذي يمسك بخيوط السياسة العسكرية الخارجية، ويمتلك أرشيفًا حيويًا حول قدرات إيران العسكرية.
وإذا كانت إيران قد تلقت ضربة موجعة سابقًا باغتيال قاسم سليماني، فإن خسارتها لباقري تمثل خللًا حقيقيًا في منظومة القيادة من حيث البُعد المؤسسي والتكتيكي، خصوصًا وأن الرجل كان يحتفظ بهامش تأثير واسع داخل الحرس الثوري والجيش النظامي معًا.
ردود فعل أولية وتداعيات محتملة
لم تُعلن إيران رسميًا عن تأكيد مقتل اللواء باقري، لكن التغطية الإعلامية المكثفة التي تزامنت مع غارات إسرائيلية على طهران وكرمانشاه وتبريز تُوحي بأن العملية نُفذت بدقة بالغة.
وفي حال تأكدت الوفاة، فمن المرجح أن تتخذ إيران عدة خطوات:
- إطلاق تصريحات نارية ووعيد مباشر ضد إسرائيل.
- تحريك “محور المقاومة” للرد غير المباشر عبر جبهات مختلفة.
- إعادة هيكلة القيادة العسكرية العليا بسرعة لتدارك أي فراغ تنظيمي.
ما الذي يجعل باقري مختلفًا؟
تميز باقري بثلاث سمات فريدة:
- العقلية المؤسسية: كان يؤمن بالتحول التنظيمي داخل القوات المسلحة، وسعى إلى تحديث العقيدة العسكرية الإيرانية.
- المرونة الأمنية: يجمع بين العمل الاستخباراتي الميداني والتخطيط الاستراتيجي في وقت واحد.
- الثقة المطلقة من المرشد: نادرًا ما يحظى قائد عسكري في إيران بثقة شخصية مباشرة من خامنئي، وهو ما تحقق لباقري طيلة سنوات خدمته.
إرثه في المؤسسة العسكرية
بغضّ النظر عن مصيره، فإن محمد باقري سيظل من الشخصيات التي لعبت دورًا جوهريًا في تشكيل شكل المؤسسة العسكرية الإيرانية الحديثة. وكان بمثابة جسر وصل بين “العقيدة الثورية” للحرس، والانضباط المؤسسي للجيش، في توازن فريد لم يتكرر كثيرًا.
الخلاصة
من خلال هذا التقرير الموسّع، نستعرض السيرة الذاتية للواء محمد باقري، وأبرز محطاته العسكرية والأمنية، وتحليل لما يعنيه اغتياله بالنسبة لإيران والمنطقة بأسرها.