سبب وفاة مسعود الجالي تهز الوسط الرياضي الليبي.. إليك التفاصيل

فقدت الساحة الإعلامية الليبية، صباح اليوم الأربعاء الموافق 11 يونيو/ حزيران 2025، أحد أبرز أعمدتها، برحيل الإعلامي الرياضي والصحفي المخضرم مسعود الجالي، وذلك بعد صراع مؤلم مع المرض داخل أحد مستشفيات العاصمة التونسية.

الخبر كان صادمًا لكل من عرفه أو تابع كتاباته وتحليلاته في المجال الرياضي، حيث يعتبر الجالي من الأسماء التي شكلت وجدان الإعلام الرياضي الليبي على مدى أكثر من ثلاثة عقود.

ومع انتشار الخبر عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل، بدأ جمهور الرياضة في ليبيا يستعيد سيرة رجل عاش ومات من أجل الكلمة.

تفاصيل وفاة مسعود الجالي

توفي الإعلامي مسعود الجالي في وقت مبكر من صباح الأربعاء، داخل مستشفى خاص بالعاصمة تونس، حيث كان يتلقى العلاج منذ أسابيع بسبب تدهور حالته الصحية جراء مرض لم يتم الإعلان عن تفاصيله بدقة، حفاظًا على خصوصية العائلة.

وقد أكدت مصادر مقربة من العائلة أن الفقيد ظل يعاني في صمت، ولم يكن يرغب في أن تُعرف معاناته الصحية على نطاق واسع. وعلى الرغم من محاولات العلاج، فإن المرض أنهك جسده في الأيام الأخيرة.

وعلى الفور، بدأت إجراءات نقل الجثمان إلى ليبيا لتتم صلاة الجنازة عصر الأربعاء في مقبرة سلمان الفارسي (المعروفة سابقًا بمقبرة سيدي حسين)، وسط حضور إعلامي ورياضي وشعبي واسع متوقع، نظرًا لما يحمله الجالي من تقدير عميق في أوساط الرياضيين والصحفيين على حد سواء.

من هو مسعود الجالي؟

وُلد مسعود الجالي في مدينة طرابلس في الأول من مايو عام 1965، ونشأ في بيئة تهتم بالعلم والتعليم، حيث التحق بكلية التربية بجامعة طرابلس وتخرج منها في عام 1990. وبالرغم من تخصصه الأكاديمي، إلا أن عشقه للصحافة دفعه للالتحاق بهذا المجال سريعًا.

بدأت مسيرته الإعلامية رسميًا في 26 يونيو 1993، من خلال الهيئة العامة للصحافة، حيث تخصص في كتابة المقالات والتحقيقات الرياضية، وكان صوتًا ثابتًا للمصداقية والتحليل المهني في المشهد الإعلامي الليبي.

طوال مسيرته، عمل الجالي كصحفي ومراسل ومحرر رياضي في عدة صحف ومجلات رياضية، كما تولى مسؤولية رئاسة اللجنة الإعلامية في الاتحاد الليبي لكرة اليد، وهو المنصب الذي استمر فيه لسنوات، وساهم من خلاله في توثيق إنجازات اللعبة وتطوير التغطية الإعلامية الخاصة بها.

مسيرة إعلامية امتدت لثلاثة عقود

امتدت المسيرة المهنية للراحل إلى أكثر من 30 عامًا، استطاع خلالها أن يحجز مكانة خاصة بين جمهور الرياضة الليبي. لم يكن مجرد ناقل للحدث، بل ناقدًا موضوعيًا ومحللاً دقيقًا، وراعياً للقيم المهنية في الكتابة الصحفية.

كتب الجالي لمطبوعات مرموقة، وكان له عمود أسبوعي يتابعه الآلاف من قراء الشأن الرياضي، عُرف بجرأته في الطرح، وحرصه على الابتعاد عن الإثارة المفتعلة. لم يكن يسعى للشهرة، بل لاكتساب ثقة المتلقي واحترامه، وقد نجح في ذلك عن جدارة.

بصمته في رياضة كرة اليد الليبية

ربما لم يبرز اسم الجالي فقط كصحفي، بل أيضًا كأحد أبرز الشخصيات الفاعلة في مجال كرة اليد الليبية. فبصفته رئيسًا للجنة الإعلامية بالاتحاد، حرص على نقل الفعاليات المحلية والدولية للعبة، وساهم في تغطية دوريات كرة اليد بمهنية عالية.

ساهم أيضًا في إعداد العديد من الملفات الإعلامية الخاصة بتأريخ اللعبة، وأرشفة صور ومقابلات نادرة مع لاعبين ومدربين، ما جعل اسمه مرجعًا مهمًا لكل من أراد البحث في تاريخ اللعبة.

ردود فعل الوسط الإعلامي والرياضي على وفاته

توالت بيانات النعي منذ إعلان خبر الوفاة، وكان أول من نعاه الاتحاد الليبي لكرة اليد في بيان مؤثر قال فيه:

“بقلوب يعتصرها الألم، ينعى الاتحاد الليبي لكرة اليد أحد أعمدته الإعلامية، الصحفي المخلص مسعود الجالي، الذي أفنى عمره في خدمة الإعلام الرياضي واللعبة على وجه الخصوص. نسأل الله له الرحمة، ولأهله ومحبيه الصبر.”

كما نعاه عدد كبير من الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الليبية، حيث كتب أحد زملائه: “فقدنا قلمًا حرًا، وأخًا صادقًا، وصوتًا لطالما رفع راية المهنة النزيهة. وداعًا أيها الصديق النبيل.”

وكتب آخر: “مسعود الجالي لم يكن مجرد إعلامي، بل كان مدرسة في احترام القارئ، وفي نقل الخبر كما يجب أن يكون. رحيله خسارة كبيرة لن تُعوّض.”

صلاة الجنازة وتفاصيل الدفن

بحسب ما أكدته أسرة الفقيد، فإن صلاة الجنازة ستُقام عصر اليوم الأربعاء في مقبرة سلمان الفارسي (سيدي حسين سابقًا)، والتي تُعد من أشهر المقابر في العاصمة طرابلس. وتوقعت مصادر حضورًا كثيفًا من الوسطين الرياضي والإعلامي، إلى جانب أصدقاء الجالي وأفراد أسرته.

ومن المقرر أن يُوارى جثمانه الثرى في المقبرة ذاتها، ليُدفن في مسقط رأسه الذي عاش فيه، وكتب فيه، وكان شاهدًا على أغلب مراحل تطوره المهني والإنساني.

ما لا يعرفه الكثيرون عن مسعود الجالي

بعيدًا عن أضواء الكاميرات وأوراق التحرير، كان مسعود الجالي شخصية هادئة، متواضعة، ذات طابع إنساني راقٍ. لم يسعَ يومًا للظهور الإعلامي أو التباهي بمنجزاته، بل آثر العمل بصمت، والكتابة بإخلاص.

وكان للراحل أيضًا مساهمات تطوعية في عدة مبادرات مجتمعية، منها ما يخص تدريب الشباب على مبادئ العمل الصحفي، وتنظيم ورش للطلبة المهتمين بالإعلام الرياضي، دون أن يطلب مقابلاً ماديًا على ذلك.

ترك مسعود الجالي إرثًا مهنيًا غنيًا وذكرى طيبة في قلوب كل من عرفه. واليوم، برحيله، يُسد فراغ كبير في ساحة الصحافة الرياضية الليبية.

ختامًا: رحيل رجل الموقف والكلمة

بوفاة الصحفي مسعود الجالي، تُطوى صفحة مشرقة من صفحات الصحافة الليبية، ولكن تبقى كلماته حية، ومقالاته محفوظة، وذكراه خالدة في عقول وقلوب محبيه. هو مثال للإعلامي الذي آمن بأن الكلمة مسؤولية، وأن الصدق هو الركيزة الأولى لأي مهنة شريفة.

نسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة، وأن يلهم أهله الصبر، ويجعل قبره روضة من رياض الجنة. إنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى