منع حفلات التخرج في صنعاء: الأسباب الحقيقية وردود الفعل
أثار قرار صادر عن وزارة التعليم العالي في العاصمة اليمنية صنعاء جدلاً واسعًا في الأوساط الأكاديمية والاجتماعية، بعد أن تم منع تنظيم حفلات التخرج في الجامعات والكليات الحكومية والخاصة، في خطوة غير مسبوقة أثارت الكثير من علامات الاستفهام.
تفاصيل قرار منع حفلات التخرج في صنعاء الصادم
بحسب مصدر مسؤول في وزارة التعليم العالي، فإن القرار الجديد يقضي بمنع إقامة أي شكل من أشكال حفلات التخرج، سواء داخل الحرم الجامعي أو خارجه، تحت أي مسمى أو إشراف، حتى لو تم ذلك عبر نادي الخريجين، الذي كان يُستخدم سابقًا كواجهة لتنظيم هذه الفعاليات.
ويُعد هذا التحول مفاجئًا، إذ لطالما اعتُبرت حفلات التخرج في اليمن فرصة رمزية للاحتفاء بنجاح الطلاب ومثابرتهم في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة. لكن الجهات المعنية بررت القرار بأسباب “إدارية وأمنية”، بحسب ما تسرب من بعض المصادر.
ردود فعل الطلاب وأولياء الأمور
لم يمر القرار مرور الكرام، إذ أبدى طلاب الجامعات وأهاليهم استياءً بالغًا مما وصفوه بـ”مصادرة للفرحة”. وقال الطالب محمد الحمزي، أحد خريجي جامعة صنعاء: “أربع سنوات من الدراسة والتعب، وفي النهاية يُمنع علينا الاحتفال كأننا لم نحقق شيئًا؟ الأمر محبط للغاية”.
فيما أكدت الطالبة رحاب عبدالقوي أن الحفلات ليست مجرد مظاهر خارجية، بل لحظات توثيقية ولها بعد اجتماعي مهم في حياة أي طالب جامعي. وأضافت: “نحن لا نطلب قاعات فخمة أو حفلات غنائية، نريد فقط تجمعًا بسيطًا نوثق فيه لحظة التخرج مع زملائنا”.
سبب منع حفلات التخرج في صنعاء الحقيقي؟
في حين لم تُصدر الوزارة بيانًا رسميًا يوضح مبررات القرار بشكل علني، رجّحت مصادر تربوية أن الخطوة جاءت بناء على ضغوط من جهات أمنية، أو ربما بدافع ضبط النفقات ومواجهة ظاهرة الإسراف في إقامة الحفلات.
ووفقًا لما نقلته صحيفة محلية، فإن بعض الجامعات الخاصة كانت تقيم حفلات فاخرة تصل تكاليفها إلى ملايين الريالات، مما أثار حفيظة الجهات المنظمة التي اعتبرت ذلك “مظاهر لا تناسب الوضع العام للبلاد”.
بدائل مقترحة لحفلات التخرج
مع تصاعد الجدل، طرحت بعض الجهات الأكاديمية اقتراحات بديلة للحفلات التقليدية، منها:
- تنظيم احتفالات إلكترونية عن بُعد، تُبث عبر منصات الإنترنت.
- إقامة مراسم رمزية بسيطة داخل الحرم الجامعي بحضور محدود.
- تخصيص ركن للصور التذكارية داخل الجامعة دون احتفال رسمي.
لكن هذه المقترحات قوبلت برفض واسع من الطلاب، الذين اعتبروا أنها تفتقد للروح والمعنى الحقيقي للاحتفال الجماعي.
تداعيات القرار على المجتمع الجامعي
قرار منع حفلات التخرج في صنعاء يتجاوز بُعده الإداري، ليؤثر بشكل مباشر على نفسية الطالب وانتمائه إلى المؤسسة التعليمية. فمثل هذه القرارات قد تولّد شعورًا بالاغتراب، وتُضعف الروح الجماعية والانتماء.
كما أبدى العديد من الأساتذة الجامعيين استغرابهم من هذا التوجه، مشيرين إلى أن التخرج يمثل لحظة مهمة في حياة الطالب، ويجب أن تحاط بما يليق بها من تقدير واحتفاء.
تجارب دول أخرى
في المقابل، تسير العديد من الدول، حتى في ظروف الأزمات، على نهج مغاير تمامًا. ففي بعض البلدان التي تعاني من تحديات اقتصادية أو أمنية، يتم دعم حفلات التخرج كأداة لبناء الأمل وتعزيز الروح المعنوية لدى الشباب.
ووفق تقرير لليونسكو، فإن احتفالات التخرج تلعب دورًا نفسيًا وثقافيًا مهمًا، وتُعد بمثابة تتويج للجهود التعليمية، ما يجعلها حدثًا تربويًا بامتياز وليس مجرد طقس اجتماعي.
الشارع اليمني بين الحيرة والصدمة
ما بين الصدمة والحيرة، يجد أولياء الأمور أنفسهم في حيرة من أمرهم: هل يصمتون احترامًا للقرار، أم يتدخلون لممارسة ضغوط لإعادة النظر فيه؟
فيما ترى بعض الأصوات الداعمة للقرار، أن الحفلات تحولت إلى مناسبات استعراضية يُنفق فيها أموال طائلة على التصوير والديكور والفنانين، بينما تعاني البلاد من أزمة معيشية خانقة. وقال أحد أولياء الأمور: “فلنحتفل بعقولنا لا بمظاهرنا”.
هل هناك أمل في تراجع القرار؟
حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم يصدر أي تراجع رسمي عن القرار. لكن الضغط المتزايد من قبل الطلاب والأكاديميين قد يُجبر الجهات المعنية على إعادة النظر في القرار أو تقديم بدائل أكثر إنصافًا.
ويأمل الطلاب في أن يجد صوتهم آذانًا صاغية، خاصة بعد انتشار وسم إلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان “حقنا نفرح”، شارك فيه آلاف اليمنيين، دعماً للطلاب الخريجين ورفضاً لحرمانهم من لحظة الاحتفال بإنجازهم.
في الختام: التخرج ليس رفاهية بل استحقاق
في خضم التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه اليمن، تظل الفرحة البسيطة مكسبًا كبيرًا. وحفلة التخرج، وإن بدت شكلية للبعض، إلا أنها محطة إنسانية مهمة في حياة الشاب اليمني. ربما آن الأوان لمعادلة جديدة تحترم الظروف وتُبقي على الأمل.