ما قصة ترند 7 دقائق على تيك توك؟ وهل هناك تفسير علمي؟

هل العقل يرى الحياة في 7 دقائق بعد الموت؟

انتشر مؤخرًا على منصة تيك توك مقطع صوتي بعنوان “دقائقي السبع”، حاز على ملايين المشاهدات، وألهم مئات المستخدمين لإعادة إنتاجه بمشاهد مؤثرة، رومانسية، أو حتى سوداوية، تبدأ غالبًا بجملة: “يُقال أن العقل البشري يعيش سبع دقائق بعد الموت، ويتذكر أجمل لحظاته خلالها…”

لكن ما سر هذا الترند الذي اجتاح المنصة في أيام قليلة؟ وما مدى صحة ما يُقال عن “السبع دقائق الأخيرة” في حياة الإنسان؟ هل هي خرافة رقمية أم نظرية علمية حقيقية؟ هذا المقال يأخذك في رحلة بين ما تقوله الأبحاث، وما يروّج له المحتوى، وما يقوله الناس حين يصبح العلم مادة للتأمل على المنصات الرقمية.

بداية ترند 7 دقائق: من نص أدبي إلى موجة شعورية

ظهرت فكرة “السبع دقائق” لأول مرة كنص يُنسب لكُتّاب مجهولين على تويتر وتطبيق Reddit، لكن سرعان ما تلقفها صُنّاع المحتوى على تيك توك، وأعادوا إنتاجها بشكل بصري درامي، مع مشاهد وداع، حب، فراق، أو لقطات من الطفولة والمراهقة، تحت عنوان: “دقائقي السبع ستكون لك”.

ورغم أن الكثيرين اعتبروه مجرد ترند عاطفي، إلا أن انتشار هذه الفكرة بهذا الشكل المكثف دفع كثيرًا من المتابعين للبحث عن الأصل العلمي لها. فهل الدماغ يظل نشطًا فعلًا بعد الوفاة؟ وهل هناك دراسات تتحدث عن استرجاع الذكريات في الدقائق الأخيرة؟

هل العقل يعمل بعد الموت؟ الحقائق العلمية

بحسب دراسة نُشرت عام 2013 في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، فإن أدمغة الفئران أظهرت نشاطًا كهربائيًا مكثفًا بعد لحظة توقف القلب، وهو نشاط أكبر من الحالة الواعية، ويدوم لعدة ثوانٍ إلى دقيقة واحدة تقريبًا.

علماء الأعصاب افترضوا أن شيئًا مشابهًا قد يحدث في أدمغة البشر، لكنهم لم يتمكنوا من تأكيد ذلك، بسبب صعوبة قياس نشاط الدماغ بعد الموت مباشرة. بعض التجارب السريرية على مرضى توفوا داخل وحدات العناية المركزة أظهرت إشارات دماغية خافتة لعدة دقائق بعد توقف القلب.

ويُعتقد أن الدماغ يستمر في إطلاق موجات عصبية أثناء احتضار الجسد، فيما يُسمى بـ “final surge”، وهو النشاط الذي قد يكون مسؤولًا عن الهلوسات، تجارب الاقتراب من الموت، أو حتى استرجاع ذكريات الحياة.

ماذا يحدث خلال تلك الدقائق؟ ذكريات أم خيال؟

الافتراض الذي يثير الجدل هو أن الدماغ في اللحظات الأخيرة قبل التوقف التام، يستعيد أهم الذكريات، تمامًا كما يحدث في الأحلام. لكن العلماء يحذرون من أن الوعي بعد الموت لا يزال موضوعًا نظريًا، ويحتاج إلى المزيد من الأدلة.

في المقابل، هناك تجارب تُروى من أشخاص مروا بـ “تجربة الاقتراب من الموت”، وذكروا رؤيتهم لمشاهد من طفولتهم أو لحظات حاسمة في حياتهم، وكأن حياتهم تمر أمام أعينهم على شكل “فيلم سريع”.

رغم أن هذه الروايات لا تُثبت علميًا وجود 7 دقائق من النشاط العقلي بعد الوفاة، لكنها تلقي الضوء على احتمالية أن يكون الوعي يمتد لما بعد توقف القلب لبضع دقائق.

الفكرة من منظور فلسفي وشعوري

سواء كانت حقيقية أم لا، فإن فكرة “سبع دقائق” هي إسقاط فلسفي على فكرة القيمة مقابل الزمن. هل سبع دقائق تكفي لتُعيد حسابات حياتك؟ هل يمكنك في دقائق معدودة أن تدرك من أحببت، وما ندمت عليه، وما لم تنله؟

من هذا المنطلق، أصبح الترند منصة رقمية للتأملات الوجودية، حيث كتب كثيرون جملًا مثل:

  • “لو تبقّت لي 7 دقائق فقط، سأبحث عن صوت أمي.”
  • “كل لحظاتي معك ستكون في الدقائق السبعة… وسأبتسم.”
  • “تمنيت لو كانت السبع دقائق الأولى بداية، لا نهاية.”

الجانب العاطفي للترند سمح له بالانتشار ليس فقط بين الشباب، بل حتى بين من تجاوزوا الأربعين، والذين رأوا فيه فرصة للمصالحة مع ذكرياتهم المؤجلة.

لماذا تأثر الجمهور بهذه الفكرة؟

أحد أهم أسباب نجاح ترند “7 دقائق” هو بساطته العاطفية وعمقه الرمزي. إذ لا يتطلب فيديوهات معقدة أو إنتاجًا ضخمًا، بل مجرد فكرة، مشهد، ونص صوتي يحمل شحنة شعورية.

إلى جانب ذلك، ترتبط الفكرة بواحدة من أكبر الأسئلة التي تواجه الإنسان منذ الأزل: ماذا بعد الموت؟، وهو سؤال لا تمل البشرية من طرحه رغم التطور العلمي.

ردود فعل الجمهور على تيك توك

“المقطع ده خلاني أبكي فعليًا.. حسيت إني محتاجة أراجع كل علاقاتي.”

“لو فعلاً في 7 دقايق بعد الموت، أتمنى أعيشهم مع صور بنتي.”

“الترند ده أبسط دليل إننا محتاجين نعيش اللحظة بكل تفاصيلها.”

هذه التعليقات وغيرها تكشف مدى تأثير الترند ليس فقط من باب الترفيه، بل كوسيلة للشفاء العاطفي والتفكير العميق في معاني الحياة.

@ahmed_tarekkkk

#fyp

♬ original sound – Damyan

هل يمكن أن يكون الترند محفّزًا إيجابيًا؟

بعيدًا عن الجانب السوداوي، يرى البعض أن هذا الترند قد يُستخدم كأداة تحفيزية للتقدير، والامتنان، والرجوع للنفس. فإذا كان الإنسان سيمر بـ 7 دقائق تَعرض أمامه حياته، فكيف يتمنى أن تكون؟

هذا السؤال وحده، يجعل البعض يعيد ترتيب أولوياته، ويبتعد عن الضغائن، ويُعيد ترميم علاقاته المتصدعة.

هل يروج الترند لمفاهيم خاطئة؟

رغم كل الجوانب الإيجابية، يحذّر متخصصون في علم النفس من التعامل مع الترند كحقيقة علمية مؤكدة. فهناك خلط واضح بين الواقع والخيال، مما قد يؤدي ببعض الأشخاص للتعامل مع الموت بطريقة رومانسية زائفة.

كما أن التركيز المستمر على النهاية والحزن قد يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للمراهقين، خاصة من يعانون من القلق أو الاكتئاب.

كلمة أخيرة

السبع دقائق قد لا تكون زمنًا دقيقًا أو حقيقة مثبتة، لكنها تحولت إلى رمز رقمي إنساني جعل الملايين يتوقفون قليلاً ليفكروا: كيف نعيش؟ ومن نحب؟ وماذا نبقي خلفنا؟

سواء كانت تلك الدقائق حقيقة علمية أم لا، الأهم هو أن نجعل من كل دقيقة في حياتنا “لحظة تستحق أن تُعرض في النهاية”، لأن أجمل الذكريات ليست ما يمر أمام أعيننا حين نموت، بل ما نعيشه بصدق ونحن أحياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى