المصافحة الذهبية في السعودية 2025: دعم حكومي لتحديث سوق العمل وتمكين الشباب
في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، تواصل الحكومة إطلاق مبادرات استراتيجية تُسهم في تطوير الاقتصاد وتمكين الموارد البشرية، وكان من أبرز هذه المبادرات “المصافحة الذهبية”، التي تشكل نموذجًا حديثًا للتحول المؤسسي وإعادة هيكلة سوق العمل، من خلال تحفيز الموظفين على التقاعد المبكر أو الاستقالة الاختيارية مقابل مكافآت مجزية.
ما هي المصافحة الذهبية؟
المصافحة الذهبية هي برنامج أطلقته وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية، ويستهدف موظفي القطاع الحكومي الذين يرغبون في إنهاء خدماتهم طواعية، سواء بالتقاعد المبكر أو الاستقالة، مقابل حوافز مالية تُصرف لمرة واحدة، وتُحتسب بناءً على متوسط الراتب الأساسي وسنوات الخدمة.
يهدف هذا البرنامج إلى تحقيق عدد من الأهداف، منها:
- إتاحة الفرصة أمام الكفاءات الشابة لدخول سوق العمل.
- إعادة توزيع القوى العاملة بما يتماشى مع متطلبات التخصص والكفاءة.
- خفض الأعباء التشغيلية على بعض الجهات الحكومية.
- تسريع وتيرة التحول الرقمي من خلال استقطاب موارد بشرية جديدة ذات مهارات حديثة.
الشروط الأساسية للاستفادة من المصافحة الذهبية 2025
أوضحت وزارة الموارد البشرية، بالتنسيق مع مجلس الوزراء، الشروط التي يجب توافرها في الموظف الراغب بالاستفادة من البرنامج:
- أن يكون الموظف سعودي الجنسية.
- أن يتجاوز عدد سنوات خدمته الحد الأدنى الذي تحدده الوزارة (عادة 20 سنة فأكثر).
- أن تكون الوظيفة غير إشرافية.
- موافقة الجهة التي يعمل فيها الموظف على إنهاء الخدمة.
- ألا يكون الموظف مشمولاً بخطط التقاعد الإجباري أو المتقاعد فعلاً.
- الأولوية لمن يحملون مؤهلات أدنى وفق جدول تدريجي.
- استنفاد كل خيارات النقل أو الإعارة أو إعادة التوزيع قبل اللجوء للمصافحة الذهبية.
- إلغاء الوظيفة بعد مغادرة الموظف المستفيد.
- يُمنع تعيين الموظف المستقيل مجددًا في أي جهة حكومية.
خطوات تقديم طلب الاستفادة من المصافحة الذهبية
- الدخول إلى بوابة الموارد البشرية عبر الرابط الرسمي للوزارة.
- تعبئة نموذج المصافحة الذهبية.
- إرفاق المستندات المطلوبة (الهوية الوطنية، بيان الخدمة، كشف الراتب… إلخ).
- إرسال الطلب إلى جهة العمل لمراجعته واعتماده.
- إحالة الطلب إلى لجنة التقييم المركزية بوزارة الموارد البشرية.
- إعلام الموظف بالقبول أو الرفض خلال فترة لا تتجاوز 30 يومًا.
حجم الدعم المالي المخصص للبرنامج
خصصت الحكومة السعودية ميزانية ضخمة تقدر بنحو 5.9 مليار ريال سعودي خلال العام المالي 1445/1446، مخصصة بالكامل لصرف مستحقات الموظفين الذين يتم قبولهم ضمن برنامج المصافحة الذهبية، على أن يُحظر توجيه هذا المبلغ لأي نفقات أخرى.
ما الفوائد التي يحصل عليها المستفيد؟
- مكافأة مالية مجزية تُصرف لمرة واحدة.
- تسوية وضعه التقاعدي بشكل مُيسر وفق آليات مرنة.
- أولوية في التسجيل في برامج ريادة الأعمال أو البرامج التدريبية.
- فرص لإعادة التوظيف في القطاع الخاص عبر مبادرات التوظيف الحكومية.
دعم متكامل من الدولة بعد التقاعد
لم تقتصر المبادرة على تقديم دعم مادي فقط، بل وفّرت الدولة للمستفيدين حزمة من برامج الدعم، تشمل:
- برامج تدريبية مجانية لتأهيل المتقاعدين لسوق العمل الحر.
- منح مالية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر بنك التنمية الاجتماعية.
- تأمين طبي وخصومات خاصة في بعض الجهات الحكومية والخاصة.
هل المصافحة الذهبية إجبارية؟
أكدت وزارة الموارد البشرية أن البرنامج طوعي 100%، ولا يمكن لأي جهة إجبار الموظف على تقديم طلب الاستقالة أو التقاعد. بل يُشترط أن يوقّع الموظف بنفسه على إقرار الاستفادة، بعد اطلاعه على كافة تفاصيل الحقوق والالتزامات.
أثر البرنامج على التوظيف وتدوير الكفاءات
تشير التوقعات إلى أن المصافحة الذهبية ستُسهم في تقليل معدلات البطالة بين الشباب، من خلال توفير آلاف الوظائف الشاغرة التي كانت تشغلها كوادر قاربت سن التقاعد أو لا تتماشى مهاراتها مع متطلبات العصر الرقمي الجديد.
كما أن البرنامج سيساعد الجهات الحكومية في رفع كفاءة التشغيل، من خلال تدوير الكفاءات، واستقطاب خبرات جديدة تعزز الإنتاجية وتُسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
الفرق بين المصافحة الذهبية وبرامج التقاعد العادية
- المصافحة الذهبية اختيارية وتمنح مكافأة مالية إضافية.
- التقاعد النظامي لا يتضمن حوافز مالية، بل فقط مكافآت نهاية الخدمة.
- برنامج المصافحة يتيح للمستفيد التقديم مجددًا في القطاع الخاص.
- التقاعد العادي غالبًا ما يُطبق بناءً على بلوغ سن التقاعد دون خيارات بديلة.
كيف يتفاعل المجتمع مع البرنامج؟
لاقى البرنامج ترحيبًا من شريحة واسعة من الموظفين الذين يرون فيه فرصة لإنهاء مشوارهم المهني بكرامة واستحقاق، مع إمكانية فتح صفحة جديدة في ريادة الأعمال أو العمل الحر. بالمقابل، دعت بعض الأصوات إلى ضرورة متابعة أوضاع المستفيدين بعد التقاعد لضمان عدم تعرضهم لأي صعوبات معيشية.
الختام: رؤية حكيمة نحو المستقبل
إن المصافحة الذهبية ليست مجرد حافز مادي، بل هي أداة استراتيجية ذكية تعكس وعي المملكة بأهمية هيكلة الوظائف الحكومية، وتمكين الشباب، وتعزيز التنافسية، وخلق بيئة عمل ديناميكية تستند إلى الكفاءة والابتكار.
يُتوقع أن يُحدث البرنامج أثرًا طويل المدى في سوق العمل السعودي، ليُشكل نموذجًا إقليميًا يُحتذى به في سياسات التوظيف والتقاعد والتحول المؤسسي.