من هو أنيس الجردمي؟.. السيرة الكاملة لناشط أثار جدلًا واسعًا في جنوب اليمن
برز اسم أنيس سعد ناصر الجردمي في المشهد السياسي اليمني خلال السنوات الأخيرة كأحد أبرز الأصوات الجريئة التي عبّرت بوضوح عن مواقفها تجاه الواقع المتأزم في الجنوب، وخاصة في العاصمة المؤقتة عدن، حيث تصاعدت حدة التجاذبات بين الأطراف السياسية المحلية. ورغم محدودية الظهور الإعلامي الرسمي له، إلا أن أنيس الجردمي كان حاضرًا بقوة على منصات التواصل الاجتماعي ومن خلال اللقاءات الشعبية والفعاليات السياسية.
النشأة والبدايات
ولد أنيس الجردمي في إحدى مديريات محافظة عدن، ونشأ في بيئة وطنية مشبعة بقيم النضال من أجل العدالة والحرية. لم يكن له حضور حزبي تقليدي، بل فضّل دائمًا أن يكون صوتًا حرًا، لا ينتمي إلى جهة سياسية بعينها، وهو ما منحه حرية أوسع في النقد والتعبير، لكنه في ذات الوقت جعله عرضة لاستهداف متكرر.
المسار الحقوقي والسياسي
عرف الجردمي بنشاطه الحقوقي منذ بداية العقد الماضي، حيث شارك في عدد من المبادرات المدنية التي هدفت إلى فضح الانتهاكات الأمنية ومناصرة المعتقلين السياسيين. كما شارك في تنظيم وقفات احتجاجية تطالب بإطلاق سراح النشطاء وضمان المحاكمات العادلة.
وفي السنوات الأخيرة، بات أكثر صراحة في انتقاد أداء المجلس الانتقالي الجنوبي، خاصة فيما يتعلق بإدارة الملف الأمني داخل عدن، محذرًا مما أسماه بـ”تفرد بعض الأطراف بالقرار الجنوبي”.
مواقفه المثيرة للجدل
أثارت بعض تصريحات الجردمي جدلًا واسعًا، حيث انتقد علنًا تدخلات خارجية في الشأن الجنوبي، كما رفض مبدأ “الولاء المطلق لرموز معينة”، داعيًا إلى ضرورة تأسيس مشروع وطني يستند إلى الإرادة الشعبية، لا إلى التبعية.
وكان له تسجيل متداول قال فيه: “لسنا عبيدًا في مشروع أحد.. الجنوب للناس لا للأفراد”، وهو ما دفع الكثيرين إلى اعتباره صوتًا شعبيًا غير منضبط، لكنه حظي باحترام واسع بين فئات المجتمع.
الاعتقال والوفاة
في مطلع أبريل 2025، تم توقيف أنيس الجردمي من قبل قوات الحزام الأمني، بناءً على أمر من النيابة، بحسب ما جاء في بيان رسمي لاحق. وقد أُودع في أحد مراكز الحجز بعدن، وسط تضارب في الروايات حول ظروف التوقيف والتعامل معه داخل المركز.
بعد أسابيع من اعتقاله، تم الإعلان عن نقله إلى المستشفى إثر تدهور مفاجئ في حالته الصحية. وبعد أيام قليلة، فارق الحياة، لتتوالى بعدها ردود الأفعال الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ردود الفعل والمطالب الحقوقية
اعتبرت منظمات حقوقية محلية ودولية أن وفاة الجردمي تمثل مؤشرًا خطيرًا على تصاعد الانتهاكات بحق أصحاب الرأي في اليمن. وطالبت هذه الجهات بفتح تحقيق عاجل ومستقل، مع توفير الحماية القانونية لعائلته.
وفي السياق ذاته، دعت شخصيات سياسية جنوبية إلى مراجعة الأداء الأمني في عدن، وضمان احترام حقوق الإنسان.
إرثه الشعبي
رغم رحيله، بقي اسم أنيس الجردمي حاضرًا كرمز للمواقف الجريئة، ومثالًا لمن يصر على أن “الكلمة أقوى من السلاح”. وقد أصبح وسم “#العدالة_لأنيس_الجردمي” منصة للتعبير عن التضامن، والمطالبة بوضع حد لنهج الاعتقال التعسفي.
خاتمة:
أنيس الجردمي لم يكن مجرد ناشط سياسي، بل كان لسان شريحة واسعة من المواطنين الذين شعروا بالتهميش وسط تجاذبات السلطة. قصته تختصر معاناة الجنوب مع الصوت المختلف، وتعيد طرح سؤال أساسي: هل من مساحة آمنة لحرية التعبير في اليمن؟