تعرف على حكم زيارة القبور في العيد 2025 / 1446: بين السنة والبدعة

العيد هو محطة من محطات الفرح في حياة المسلم، لكنّه لا يخلو من لحظات الحنين، خاصة لأولئك الذين فقدوا أحبابهم. وبين تكبيرات العيد وفرحة الصلاة والزيارات، يتجه كثير من الناس إلى المقابر حاملين الورود والدعاء والدموع، تعبيرًا عن الوفاء، والرغبة في صلة من انقطعت بهم الدنيا.

ومع أن هذا السلوك شائع في مجتمعاتنا، فإن المسلم بحاجة إلى معرفة الحكم الشرعي في زيارة القبور يوم العيد: هل هي سنة؟ أم بدعة؟ هل يجوز تخصيص يوم العيد بها؟ وما الموقف من زيارة النساء للقبور في هذا اليوم؟ هذا ما سنوضحه بالتفصيل في هذا المقال.

الأصل في زيارة القبور في الإسلام

  • زيارة القبور في الإسلام مشروعة باتفاق العلماء، لما ورد عن النبي ﷺ:

“كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها؛ فإنها تذكركم الآخرة” – رواه مسلم.

  • الهدف من الزيارة ليس مجرد الحزن أو البكاء، بل التذكر والاتعاظ والدعاء للميت، وهذا ما يجعلها عبادة ذات طابع روحاني عميق.

حكم زيارة القبور في العيد: رأي العلماء والفقهاء

زيارة القبور مشروعة في كل وقت، ولكن تخصيصها بيوم معين كالعيد دون دليل شرعي، هو ما يُشكل موضع خلاف.

رأي اللجنة الدائمة للإفتاء:

“تخصيص زيارة القبور في العيد بدعة، سواء للرجال أو النساء، لأن الشريعة لم تُخصص وقتًا معينًا لذلك، والعبادات توقيفية لا تُؤخذ بالعاطفة أو العرف.”

رأي الشيخ ابن باز رحمه الله:

“لا أصل لتخصيص زيارة القبور في العيد، لكنها مشروعة في كل وقت. من زار القبور في يوم العيد لا يُنكر عليه إن لم يعتقد خصوصية اليوم.”

إذن، الحكم الفقهي أن الزيارة جائزة، ولكن بدون نية التخصيص، أي دون الاعتقاد بأن يوم العيد هو وقت مخصوص لزيارة الأموات.

هل زيارة القبور في العيد عادة أم عبادة؟

الكثير من العادات المجتمعية تنشأ دون أساس شرعي، ومنها عادة زيارة القبور صباح يوم العيد. لكنها لا ترتقي إلى كونها عبادة إذا لم تستند إلى نص.

فالعبادة تحتاج إلى:

  • دليل شرعي من كتاب أو سنة.
  • نية التقرب لله.
  • تنفيذها كما وردت.
  • وبالتالي، لا يجوز للمسلم أن يربط عبادة مثل زيارة القبور بوقت العيد، حتى لا يقع في البدعة الإضافية.

لماذا يُنكر العلماء تخصيص العيد لزيارة القبور؟

  • لأن العيد يوم فرح وسرور، لا يُناسبه الحزن والبكاء.
  • لأن تخصيص العبادات بغير دليل مرفوض شرعًا.
  • لأن التشبه بأهل الجاهلية الذين كانوا ينوحون على موتاهم في المناسبات، مرفوض.
  • لأن النبي ﷺ لم يثبت عنه أنه زار القبور في العيد، رغم كثرة الأحاديث عن العيدين.

متى يُستحب زيارة القبور؟

  • أيام الجمع (لا على سبيل التخصيص بل الاستغلال).
  • في الأوقات الفارغة حين يكون القلب خاشعًا.
  • في أي وقت يشعر المسلم فيه بحاجة للتذكرة والدعاء.
  • في آخر الليل أو بعد الفجر، حيث السكينة والهدوء.

ما حُكم زيارة النساء للقبور في العيد؟

قول الجمهور:

زيارة النساء للقبور لا تجوز، استنادًا إلى حديث النبي ﷺ:

“لعن الله زوّارات القبور” – رواه الترمذي.

لكن بعض العلماء من المتأخرين أجازها بضوابط، إذا كانت المرأة:

  • ساترة لعورتها.
  • لا تصرخ أو تبكي بصوت.
  • لا تختلط بالرجال.
  • تتأدب بأدب الزيارة الشرعية.

أما في العيد، فالأولى الابتعاد عن ذلك تمامًا لما فيه من فتنة وخروج عن روح العيد.

الفرق بين الزيارة العامة والبدعية

الزيارة المشروعة الزيارة البدعية
في أي وقت غير محدد في وقت محدد كالعيد
للدعاء والتذكرة للحزن والندب
بلا تخصيص لزمان أو مكان مع ارتباط زمني غير مسند
اتباع للسنة ابتداع في الدين

أقوال العلماء في المسألة

  • النووي: “زيارة القبور مستحبة، لكن لا يُشرع لها وقت مخصوص، ومن خصص وقتًا فقد ابتدع.”
  • ابن عثيمين: “العبرة بالنية، فإن زار القبور يوم العيد من غير اعتقاد خصوصية فلا بأس، أما إن ظن أنه يوم مخصص لها فهو خطأ.”

نصائح عند زيارة القبور (في أي وقت)

  • الدخول بخشوع وهدوء.
  • السلام على أهل القبور بصيغة: “السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين…”
  • الدعاء للميت دون مخاطبته.
  • عدم رفع الصوت بالبكاء أو قراءة القرآن بصوت عالٍ.
  • عدم لمس القبور أو التبرك بها.

عادات خاطئة منتشرة في زيارة القبور في العيد

  • توزيع الطعام والمشروبات على الزوار.
  • إشعال البخور أو الطواف حول القبر.
  • الكتابة على القبور أو تزيينها بالورود بشكل مبالغ فيه.
  • إقامة الخيم بجانب القبور واستقبال الزوار.
  • كل ما سبق من البدع التي يجب التنبيه عليها.

السنن المستحبة في العيد: توازن بين الفرح والدين

حتى لا يفقد العيد روحه، يجب على المسلم الالتزام بسنة النبي ﷺ، ومنها:

  • الاغتسال والتزين بأفضل الثياب.
  • التكبير والتهليل من غروب شمس ليلة العيد حتى صلاة العيد.
  • صلاة العيد في المصلى وليس في المسجد.
  • مخالفة الطريق عند الذهاب والعودة من الصلاة.
  • إدخال السرور على الأهل والأقارب.
  • صلة الرحم والتهنئة بعبارات مثل: “تقبل الله منا ومنكم”.

الفرق بين زيارة القبور الشرعية والابتداعية

جانب المقارنة الزيارة الشرعية الزيارة البدعية
النية للاتعاظ والدعاء للحزن والشكوى
الوقت في أي وقت في العيد تحديدًا
الطريقة بهدوء وخشوع بصخب وطقوس
المصدر سنة نبوية عرف اجتماعي لا أصل له

آداب عامة في التعامل مع القبور

  • لا تُجلس على القبر.
  • لا تُبنى عليه قبة أو مسجد.
  • لا يُكتب عليه أدعية أو أسماء كبيرة.\لا يُزار للتبرك أو طلب الحوائج.

هل الدعاء يصل للميت في العيد؟

نعم، الدعاء يصل إلى الميت في أي وقت، بما في ذلك العيد، لكن لا حاجة لتخصيص الزيارة بيوم معين. يمكن الدعاء من أي مكان، في أي وقت، فالله سميع مجيب.

خاتمة: بين القلب والعقل في شعيرة الزيارة
زيارة القبور ليست ممنوعة، ولكن العقل الشرعي يضبط العاطفة القلبية. ومن أجل ألا تتحول العبادات إلى عادات، وجب التقيد بالنصوص، وعدم الابتداع.

العيد مناسبة للفرح، والتوسعة، وصلة الأحياء، وليس مناسبة لارتباط دائم بالحزن.

زر القبور في أي وقت، وادعُ لمن تحب، ولكن لا تجعل العيد محطة للبكاء، بل اجعل ذكراهم دعاءً في قلبك، وهمسات بالرحمة في سجودك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى