خير الدعاء دعاء يوم عرفة.. صحة الحديث وفضله في السنة النبوية 2025
يُعد يوم عرفة أحد أعظم الأيام عند الله، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، حيث يقف الحجاج على صعيد عرفات في أقدس مشهد إيماني، بينما يترقب المسلمون في كل بقاع الأرض هذا اليوم المبارك بالتقرب إلى الله بالصيام والدعاء والتكبير. ومن أكثر الأحاديث تداولًا في هذا السياق قول النبي ﷺ: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة”، فما مدى صحة هذا الحديث؟ وما معناه؟ وكيف نفهم سياقه وفضله؟
في هذا المقال نعرض كل ما يتعلق بصحة حديث “خير الدعاء دعاء يوم عرفة”، ونُحلل دلالاته، ونقدم نماذج من الأدعية التي ثبتت عن النبي ﷺ في هذا اليوم الفضيل، مدعومين بأقوال العلماء والمحدثين، لنُعين الباحث المسلم على تعظيم هذا اليوم بما يليق بمكانته.
نص حديث “خير الدعاء دعاء يوم عرفة”
الحديث المشهور جاء في النص التالي:
“خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ.”
رواه الترمذي في “جامعه” من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبيه عن جده.
صحة حديث “خير الدعاء دعاء يوم عرفة”
الحديث من حيث الإسناد:
- قال الإمام الترمذي: حديث غريب.
- ضعّفه جمع من المحدثين لوجود رواية من طريق جد عمرو بن شعيب، وهو مجهول الاسم.
- الألباني حكم عليه بأنه ضعيف في “ضعيف الجامع”.
لكن:
- معناه صحيح باتفاق العلماء، إذ ثبت فضل يوم عرفة في عدة نصوص صحيحة.
- وقد ورد عن النبي ﷺ والتابعين والصحابة الحث الشديد على الدعاء يوم عرفة، مما يرفع من قيمة الحديث من حيث المعنى وإن كان سنده ضعيفًا.
بالتالي: الحديث ضعيف من حيث السند، لكن معناه مقبول ومؤيد بنصوص صحيحة أخرى.
شرح معنى الحديث
حين يقول النبي ﷺ: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة”، فهو يشير إلى أن يوم عرفة يُعد من أفضل الأوقات التي تُستجاب فيها الدعوات. ومعنى ذلك:
- أن هذا اليوم له خصوصية في الزمان تجعله أفضل للدعاء من غيره.
- أن الذكر “لا إله إلا الله وحده لا شريك له…” يُعد من أعظم الأذكار في هذا اليوم.
- أن الثناء على الله بهذه الصيغة يسبق الدعاء، وهي قاعدة في الآداب النبوية للدعاء.
قال الإمام النووي:
“يستحبّ الإكثار من الذكر والدعاء في يوم عرفة، ويفتتح الدعاء بالثناء على الله ويختمه بالصلاة على النبي.”
دعاء النبي ﷺ في يوم عرفة
كان رسول الله ﷺ في يوم عرفة يُكثِر من الذكر والدعاء، وقد ورد أنه لم يكن يصوم ذلك اليوم وهو حاج، لكنه دعا فيه طويلًا.
من أبرز ما دعا به النبي ﷺ:
“لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.”
وقد كرر هذا الذكر مرارًا، كما في الصحيح، وكان يدعو بأدعية جامعة لخير الدنيا والآخرة، مثل:
- “اللهم اجعلني من عتقائك من النار”
- “اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى”
- “اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”
أقوال الصحابة والعلماء في الدعاء يوم عرفة
1. عبد الله بن عمر رضي الله عنه:
كان يقف بعرفة رافعًا يديه، ويقول:
“اللهم اجعلني من عبادك المقبولين، واغفر لي ولوالدي، واهدني سواء السبيل.”
2. ابن عبد البر:
“في الحديث دلالة على أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره، وفي ذلك إثبات فضل الأيام بعضها على بعض.”
3. النووي:
“يستحب الإكثار من الذكر والدعاء في يوم عرفة، لما فيه من البركة والرحمة.”
هل الدعاء يوم عرفة مستجاب؟
نعم، بل هو من أرجى أوقات الاستجابة، كما ثبت عن النبي ﷺ في الحديث الصحيح:
“ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة.”
– رواه مسلم
وكذلك في الحديث الذي رواه أبو هريرة:
“إن الله يباهي بأهل عرفة أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثًا غبرًا.”
كل ذلك يدل على قرب الرحمة في هذا اليوم، وأن الدعاء فيه يُستجاب بإذن الله.
أفضل ما يُقال يوم عرفة
إليك بعض الأدعية والأذكار الواردة والمأثورة:
- “اللهم اجعلني ممن رضيت عنهم وغفرت لهم في هذا اليوم المبارك.”
- “اللهم لا تحرمني من خير ما عندك بسوء ما عندي.”
- “اللهم ارزقني زيارة بيتك الحرام، وسُكنى الجنة في دار السلام.”
- “اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.”
نصيحة العلماء للمسلمين في يوم عرفة
- أن يفرغ المسلم نفسه للدعاء والذكر في هذا اليوم قدر المستطاع.
- ألا يقتصر على الدعاء لنفسه فقط، بل يشمل والديه، وأهله، والأمة الإسلامية.
- أن يُظهر الخشوع والتذلل لله، فهو من أعظم أسباب استجابة الدعاء.
- أن يكثر من التهليل والاستغفار: “لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.”
ختامًا: مهما اختلفت الروايات في قوة الحديث من حيث السند، فإن المعنى لا جدال فيه: دعاء يوم عرفة هو خير الدعاء، والموفق من اغتنم هذا اليوم من فجره حتى مغربه بالدعاء، والتضرّع، والرجاء، والثقة برحمة الله.
يوم عرفة فرصة لا تُعوّض… فادعُ لنفسك، لأمتك، ولأحبابك، واطلب من الله كل شيء… فهو القادر على كل شيء.