من هو الشيخ عبدالعزيز الكرعاني ؟ تعرف على مسيرته القرآنية وأثره في المجتمع الديني
يعد الشيخ عبد العزيز الكرعاني أحد أعلام القرآن الكريم البارزين في المغرب، وواحدًا من أبرز المقرئين الذين أثّروا في حياة المسلمين في المملكة المغربية والخارج. عُرف بتلاوته الخاشعة وأدائه المميز الذي كان له أثر عميق في نفوس مستمعيه، وقد أسهم بشكل كبير في تعليم القرآن الكريم وتطوير مهارات العديد من الطلاب والمقرئين. ورغم رحيله المفاجئ عن عالمنا في عام 2025، فإن إرثه العلمي والروحي لا يزال حاضراً في قلوب كل من تتلمذوا على يديه أو استمتعوا بتلاوته المميزة.
نشأة الشيخ عبد العزيز الكرعاني
وُلد الشيخ عبد العزيز الكرعاني في مدينة الدار البيضاء بالمغرب في بيئة دينية محبة للعلم والقرآن. نشأ في أسرة محافظة تعتز بتعليم القرآن الكريم وتربيته على حب الله ورسوله. منذ سنٍّ مبكرة، بدأت موهبة الشيخ الكرعاني في التلاوة تبرز، وكان قد أظهر شغفًا بتعلم القرآن وحفظه، ما دفع عائلته إلى إرساله إلى “الكتاب” – المدارس التقليدية التي كانت تعرف بحفظ القرآن الكريم.
منذ طفولته، كان له خالًا اختصّ بتعليم الأطفال القرآن وتجويده. يتذكر الشيخ عبد العزيز تلك اللحظات التي شكلت انطلاقته في عالم القرآن، حيث يقول في إحدى مقابلاته إن أولى خطواته كانت من خلال حفظه لجزء من القرآن على يد خاله في سنٍّ صغيرة.
التعليم القرآني والشيوخ المؤثرين في حياته
كان للشيخ عبد العزيز الكرعاني العديد من المعلمين الذين أسهموا في صقل موهبته القرآنية. ورغم أن الشيخ الكرعاني لم يذكر تفصيلات دقيقة حول شيوخه في مقابلاته العامة، إلا أن ما هو ثابت هو تعلمه لقراءة “ورش عن نافع”، وهي من أشهر القراءات في المغرب. وقد تأثر بالعديد من العلماء والمقرئين الذين كانوا قدوة له في التلاوة.
ورغم انتقاله إلى مرحلة التدريس والإمامة، إلا أن الشيخ الكرعاني ظل حريصًا على تحسين وتطوير أدائه القرآني من خلال الدورات التدريبية والمحاضرات التي كانت تقدمها الشخصيات القرآنية البارزة في ذلك الوقت.
مسيرة الشيخ عبد العزيز الكرعاني المهنية
كانت المسيرة المهنية للشيخ عبد العزيز الكرعاني حافلة بالعطاء. بدأ في مجال الإمامة والتلاوة منذ سنٍّ مبكرة، حيث كان إمامًا في العديد من المساجد في مدينة الدار البيضاء. شغل الشيخ إمامة مسجد التوبة بحي الفتح في الدار البيضاء ثم انتقل إلى مسجد التيسير في حي سيدي معروف، قبل أن ينتقل إلى مسجد السلام حيث أمَّ المصلين في صلاة التراويح خلال شهر رمضان من عام 2003 حتى عام 2006.
أما في مجال التعليم، فقد شارك الشيخ عبد العزيز الكرعاني في العديد من الأنشطة التربوية والقرآنية من خلال تقديم الدروس القرآنية وتعليم التجويد. كما أسس حلقات قرآنية في مساجد عدة، وكان له دور كبير في نشر علم القرآن الكريم.
الشيخ الكرعاني وجمالية التلاوة
ما كان يميز الشيخ عبد العزيز الكرعاني هو تلاوته المميزة وصوته الخاشع الذي كان يلامس قلوب مستمعيه. كان لديه القدرة على نقل المعاني العميقة للآيات القرآنية بطريقة تُثير التأمل في قلب كل من يسمعها. كان لشيخنا الفضل في إحياء القلوب من خلال تلاوته التي كانت تفيض بالخشوع.
غالبًا ما كان يُعتبر الشيخ عبد العزيز “صوت الجنة” من قبل محبيه ومريديه، وكان يتبع أسلوبًا هادئًا في تجويد القرآن ما جعله يتمتع بشعبية واسعة ليس فقط في المغرب، ولكن في سائر الدول العربية.
الشيخ عبد العزيز الكرعاني وأثره في الحياة القرآنية
لم تقتصر شهرة الشيخ عبد العزيز الكرعاني على تلاوته الخاصة بل امتدت إلى تأثيره في المجتمع القرآني. فقد ساهم الشيخ في تنظيم العديد من المسابقات القرآنية وتوجيه الشباب للمشاركة فيها، ما كان له بالغ الأثر في تطوير مهاراتهم. كما قام الشيخ بتوجيه المئات من الطلاب والمقرئين الجدد في مختلف مراحل تعلمهم للقرآن.
كان الشيخ أيضًا يسهم في حلقات التفسير والدروس الدينية التي تُعقد في مساجد متعددة، ويُعتبر من العلماء الذين جمعوا بين التعليم القرآني والإرشاد الروحي.
وفاة الشيخ عبد العزيز الكرعاني
رحل الشيخ عبد العزيز الكرعاني عن عالمنا في 31 مايو 2025 بعد صراع طويل مع مرض السرطان. وفاته كانت صدمة كبيرة للمجتمع القرآني والديني في المغرب وفي أنحاء العالم العربي، حيث نُعي العديد من العلماء والمقرئين الذين تربوا على يديه أو استمتعوا بتلاوته الخاشعة.
وقد عبر العديد من محبيه وزملائه عن حزنهم الشديد لفقدانه، بينما أكدوا أن تأثيره وإرثه في مجال تلاوة القرآن الكريم سيتذكره الجميع للأبد.
إرث الشيخ عبد العزيز الكرعاني
رحيل الشيخ عبد العزيز الكرعاني هو خسارة كبيرة في مجال تلاوة القرآن الكريم في المغرب، لكن إرثه لا يزال حيًا في جميع الذين تتلمذوا على يديه. يظل صوته الجميل وتلاوته الخاشعة مصدر إلهام للكثير من المقرئين في المغرب والعالم العربي. ويعد الشيخ الكرعاني نموذجًا للتفاني في خدمة القرآن الكريم ونشر تعاليمه، وسيرته الطيبة تظل مصدر فخر وإلهام للأجيال القادمة.
خاتمة:
في النهاية، لا شك أن الشيخ عبد العزيز الكرعاني كان من أبرز الشخصيات القرآنية التي قدمت الكثير للأمة الإسلامية. لم يكن فقط مقرئًا، بل كان معلمًا وصاحب رسالة، جعل من القرآن الكريم محور حياته ووجهه الحياتي. وبذلك، تظل تلاوته وأعماله الحياتية تُحيي القلوب وتحفز الأجيال القادمة على تعلم كتاب الله والعمل بتعاليمه.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويجعله من أهل الجنة، وأن يرزقنا إحياء هذه التلاوة في حياتنا.