تفاصيل وفاة سلمان بولند: سيرة رياضي ومثقف كويتي كبير
في لحظة صادمة ومؤثرة، فُجع المجتمع الكويتي صباح اليوم الإثنين بنبأ وفاة الأستاذ سلمان علي بولند، الشخصية المعروفة في الساحة الثقافية والرياضية، والرئيس الحالي لجمعية الحرف الكويتية القديمة، وعضو مجلس إدارة نادي العربي سابقًا.
الخبر لم يكن مجرّد إعلان رسمي، بل زلزل القلوب التي ارتبطت باسم سلمان بولند لسنوات، سواء من بوابة الرياضة أو بوابة التراث. حيث رحل بعد صراع طويل ومرهق مع المرض، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا ومكانة استثنائية يصعب ملؤها.
أعلنت الكاتبة سلوى المطيري نبأ الوفاة برسالة موجزة على حسابها بمنصة “إكس”، لتنهال بعدها عبارات النعي، والدعاء، والتقدير لمسيرة رجل لم يكن عاديًا في مشواره، ولا في بصمته.
وفي هذا المقال، نسلط الضوء على تفاصيل وأسباب وفاة سلمان بولند، ونغوص في محطات حياته الرياضية والثقافية، لنقدم للقارئ سيرة حقيقية لرجل من زمن الوفاء.
من هو سلمان علي بولند ويكيبيديا السيرة الذاتية؟ نبذة عن حياة رجل كويتي استثنائي
ولد سلمان علي بولند عام 1964، في مدينة الكويت، ونشأ في بيئة وطنية محافظة، تقدر القيم والعطاء العام. ومنذ سنوات شبابه الأولى، كان ملمح القيادة والتميز واضحًا في شخصيته. لم يكن مهتمًا بمجال واحد، بل تشعبت اهتماماته لتشمل الرياضة، الفن، المتاحف، والتراث الشعبي.
لاعب كرة اليد في نادي العربي
بدأ سلمان مسيرته الرياضية كلاعب في فريق كرة اليد بنادي العربي الكويتي، حيث كان معروفًا بروحه العالية والتزامه الصارم، ما أكسبه احترام زملائه وإعجاب جمهور النادي. شارك في بطولات محلية وإقليمية، وحقق مع فريقه إنجازات لا تزال حاضرة في أرشيف النادي.
لكن مشوار سلمان لم يقف عند حدود الملاعب، بل استمر ليأخذ دورًا إداريًا فاعلًا بعد اعتزاله اللعب، حيث شغل منصب عضو مجلس إدارة نادي العربي، وكان له دور واضح في دعم الفرق الشبابية والاهتمام بالبنية التحتية للنادي.
العمل الثقافي: حين تتقاطع الرياضة مع الهوية الوطنية
مسئول الآثار والمتاحف في المجلس الوطني
انتقل سلمان بولند لاحقًا إلى الساحة الثقافية، من خلال المجلس الوطني للثقافة والفنون والآثار، حيث تولّى مهمة إدارة المتاحف والآثار. وخلال هذه المرحلة، عرف عنه حرصه على توثيق وحماية التراث الكويتي، وتشجيع الأجيال على زيارة المتاحف والتعرف على تاريخهم.
تأسيس جمعية الحرف الكويتية القديمة
ومن أهم إنجازاته أيضًا، أنه كان من المؤسسين الرئيسيين لجمعية الحِرف الكويتية القديمة، وهي جهة تعنى بإحياء الصناعات اليدوية، وتشجيع الحرفيين، وإقامة المعارض التي تستعرض التراث الكويتي التقليدي من مشغولات، أدوات، وتصميمات تعكس روح الماضي.
رئاسته للجمعية جاءت في وقت كانت فيه هذه الثقافة مهددة بالاندثار، لكن عبر أنشطته الميدانية، وحرصه على إشراك الشباب، أعاد الاعتبار للحرفة الكويتية ودمجها في المشهد الثقافي الحديث.
تفاصيل مرضه: صراع طويل مع الألم والغياب التدريجي عن المشهد
وفق مصادر مقربة من العائلة، فقد بدأ بولند يعاني من أعراض مرضية مزمنة منذ سنوات، لكنه فضل الصمت والخصوصية، واستمر في أداء مهامه دون أن يُشعر أحدًا بما يمر به. لكن في العام الأخير، تدهورت حالته الصحية، وخضع لسلسلة من العلاجات، بين الكويت وخارجها، في محاولة لتحسين حالته.
ورغم تراجع ظهوره العلني، إلا أن حضوره الرمزي ظل قويًا في الفعاليات الثقافية، حيث كان يُذكر اسمه دائمًا بين الرواد الذين صنعوا فرقًا حقيقيًا.
يوم الوفاة.. والوداع الأخير
صباح يوم الاثنين الموافق 27 مايو 2025، أعلنت مصادر رسمية وفاة سلمان علي بولند عن عمر ناهز 61 عامًا، بعد رحلة علاج طويلة. وتم تحديد صلاة الجنازة بعد صلاة المغرب بالمقبرة الجعفرية، على أن تتم مراسم الدفن عند الساعة الثامنة مساءً.
جمهور كبير من محبيه، ووجوه من مختلف الأطياف الثقافية والرياضية، توجهوا لتقديم واجب العزاء، في مشهد عبر عن حجم الحب الذي زرعه بولند في محيطه.
ردود الفعل على خبر وفاة سلمان بولند
سلوى المطيري تنعيه بكلمات مؤثرة
كانت الكاتبة والناشطة سلوى المطيري من أوائل من أعلنوا الخبر، حيث نشرت على منصة إكس قائلة:
“فقدت الكويت اليوم قامة فكرية ورياضية وإنسانية، الأستاذ سلمان بولند، صاحب القلب الأبيض والسيرة النقية.. رحمه الله وأحسن مثواه.”
الرياضيون والمثقفون ينعون رفيقهم
عدد كبير من الشخصيات الكويتية والعربية عبروا عن حزنهم لفقدان بولند، بينهم رياضيون سابقون، ومثقفون، وإعلاميون. وبرزت شهادات تروي مواقف إنسانية عاشوها معه، مؤكدين أنه كان “الرجل الذي يصنع الفرق دون أن يطلب المقابل.”
لماذا يعتبر سلمان بولند خسارة وطنية؟
لأنه جمع الرياضة والثقافة في قالب واحد
نادراً ما نجد شخصية توفق بين الروح الرياضية والهوية الثقافية بنفس الاتقان، لكن سلمان بولند فعلها. إذ لم ينحصر في قوالب ضيقة، بل كان مؤمنًا بأن بناء الإنسان لا يكتمل إلا إذا اجتمعت في شخصيته اللياقة الجسدية، والاعتزاز بالهوية، والوعي بتاريخ بلاده.
لأنه من جيل الوفاء
جيل سلمان بولند هو جيل التضحية، جيل لم يبحث عن “الترند” أو الشهرة، بل عن الأثر العميق. وهذا بالضبط ما تركه بولند: أثر في القلوب، وفي المؤسسات، وفي ذاكرة جيل كامل.
ما الذي يفتقده المجتمع بعد رحيله؟
- إلهام رياضي لجيل الشباب
- داعم حقيقي للحرفيين والصناعات اليدوية
- مدافع عن المتاحف الوطنية
- رجل حوار وتوافق داخل الهيئات الرياضية
- هذا الرجل لم يكن مجرد مسؤول أو إداري، بل رؤية متحركة لمجتمع يريد النهوض بهدوء وثقة.
استذكار إرثه: هل من تكريم قادم؟
أصوات كثيرة بدأت تطالب الجهات المعنية بإطلاق اسم سلمان بولند على أحد المتاحف الوطنية أو المنشآت الرياضية، كنوع من رد الجميل لهذا العطاء الممتد. وطرح البعض تخصيص جائزة سنوية باسمه لتكريم المبادرات التي تجمع بين التراث والرياضة، وهي فكرة تحظى بتفاعل شعبي كبير.