هل انتحر أحمد الدجوي؟ الداخلية تصدر بيانًا وتكشف التفاصيل
تحوّلت وفاة الشاب الأكاديمي المصري أحمد شريف الدجوي، حفيد الدكتورة نوال الدجوي، إلى حديث الشارع في مصر بعد العثور على جثمانه مصابًا بطلق ناري داخل شقته الفاخرة في مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة. ومع تزايد الجدل وتضارب الروايات بين انتحار وقتل متعمد، أصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانًا رسميًا مساء الأحد 25 مايو 2025 لتوضح الملابسات وتضع حدًا للشائعات التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن هل أغلق البيان ملف الجدل أم فتح الباب لمزيد من التساؤلات؟ هذا ما نناقشه في السطور التالية، من خلال تتبع القصة من بدايتها، واستعراض التفاصيل الدقيقة التي تضمنها بيان الداخلية، وتحليل ما بين السطور.
هل انتحر أحمد الدجوي؟: جثة في شقة مغلقة وسؤال بلا إجابة
كانت عقارب الساعة تشير إلى ظهر الأحد عندما تم إبلاغ قسم شرطة أول أكتوبر بالعثور على جثمان شاب في العقد الرابع من العمر داخل إحدى الشقق السكنية الفاخرة. تبين لاحقًا أنه أحمد شريف الدجوي، حفيد الدكتورة نوال الدجوي، رائدة التعليم الجامعي الخاص في مصر ورئيسة جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب.
الصدمة كانت مضاعفة؛ ليس فقط لأنه حفيد شخصية عامة مرموقة، بل لأن الواقعة جاءت بعد أيام قليلة من توجيه اتهامات مباشرة إليه في قضية سرقة كبرى من داخل منزل جدته.
ماذا قال بيان وزارة الداخلية؟: هل أحمد الدجوي مات منتحرًا؟
في بيان رسمي صدر عن وزارة الداخلية مساء يوم الأحد، أكدت فيه ما يلي:
“بتاريخ اليوم الموافق 25 مايو، تبلغ لقسم شرطة أول أكتوبر من أسرة المواطن أحمد شريف الدجوي بقيامه بإطلاق عيار ناري على نفسه مستخدمًا طبنجة مرخصة خاصة به، وذلك أثناء تواجده بمحل إقامته بأحد المنتجعات السكنية، مما أدى إلى وفاته في الحال.”
تحليل البيان:
- السلاح المستخدم مرخّص، ما يعني أن الراحل لم يحصل عليه بطرق غير شرعية.
- الأسرة هي من أبلغت عن الحادثة، مما يعزز رواية الانتحار المعلن.
- لم يتطرق البيان إلى الشبهات التي أثيرت سابقًا حول علاقة الوفاة بالخلافات العائلية.
تحليلات وتحفظات: هل الانتحار هو الرواية النهائية؟
ورغم صدور البيان، إلا أن العديد من المراقبين والإعلاميين تحفظوا على تبني رواية الانتحار بشكل قاطع. الأسباب متعددة، منها:
- الخلافات العائلية المعروفة التي تصدرت وسائل الإعلام.
- اتهام أحمد سابقًا بالضلوع في سرقة تقدر قيمتها بـ50 مليون جنيه وأكثر من 3 ملايين دولار من منزل الدكتورة نوال الدجوي.
- شهادات مقربين منه بأنه كان متفائلًا قبل أيام من الحادثة وكان يخطط للسفر.
وهنا يظهر سؤال منطقي:
هل أقدم أحمد على الانتحار نتيجة ضغط نفسي؟ أم أنه قُتل وتمت تغطية الجريمة برواية الانتحار؟
التحقيقات الجنائية: ما الذي كشفته المعاينة الأولية؟
بحسب المصادر الأمنية التي كانت موجودة في موقع الحادثة، فإن الشقة التي عُثر على الجثمان بداخلها لم تكن تحتوي على آثار اقتحام أو عنف، وهو ما يضعف فرضية القتل الخارجي، ويعزز فكرة أن الجاني – إن وُجد – كان على معرفة بالضحية.
لكن هذا لا يعني بالضرورة انتحارًا؛ بل قد يشير إلى عملية قتل ناعمة من داخل الدائرة القريبة.
الطب الشرعي على خط الحسم
أمرت النيابة العامة بتشريح جثمان أحمد الدجوي، وطلبت من مصلحة الطب الشرعي إصدار تقرير مفصل يحدد:
- زاوية إطلاق النار
- المسافة
- وجود أي خدوش أو آثار مقاومة
- تحليل المقذوفات ومطابقتها مع السلاح المستخدم
- هذا التقرير سيكون الكلمة الفصل في تحديد الرواية الرسمية النهائية، سواء كانت انتحارًا أو جريمة قتل متقنة.
هل كان أحمد يعاني من أمراض نفسية؟
البيان الأمني أشار إلى أن أحمد كان يُعالج في الفترة الأخيرة من أمراض نفسية، وسافر إلى الخارج في رحلة علاجية لهذا الغرض، قبل أن يعود إلى البلاد مساء السبت 24 مايو، أي قبل وفاته بساعات قليلة.
لكن ما لم يوضحه البيان:
- هل كانت حالته النفسية تستدعي مراقبة أو ملاحظة؟
- هل كان في حالة انتحارية فعلًا؟
- ما الذي دفعه للعودة إلى البلاد في هذا التوقيت؟
بعض المقربين منه أكدوا أنه كان يعاني من اكتئاب مزمن، لكنه لم يكن في وضع حرج. فيما أفادت تقارير أخرى أن خلافاته مع العائلة وصلت إلى طريق مسدود بعد استبعاده من إدارة التركة.
علاقة أحمد الدجوي بقضية سرقة منزل جدته
اللافت أن أحمد كان أحد المتهمين في القضية المثيرة للجدل والتي كشفت سرقة ما يلي من فيلا الدكتورة نوال الدجوي:
- 50 مليون جنيه مصري
- 3 ملايين دولار أمريكي
- 350 ألف جنيه إسترليني
- 15 كيلوجرامًا من الذهب
أثار حجم الأموال جدلًا مجتمعيًا واسعًا حول مصدر تلك الثروة، وغياب الرقابة على الأموال المتداولة داخل البيوت الخاصة. كما تم تسريب وثائق تؤكد أن أحمد خضع للتحقيق الرسمي، وتم الإفراج عنه بضمان محل الإقامة.
الشارع المصري منقسم: “مقتول أم منتحر؟”
على مواقع التواصل، انقسم الجمهور إلى ثلاث فئات:
- فئة تصدق رواية الانتحار، وتطالب بعدم التشهير بالعائلة.
- فئة تشك في الرواية الرسمية، وتدعو إلى تحقيق مستقل.
- فئة ثالثة تربط بين الوفاة وقضية الميراث، معتبرة أن أحمد “دُفع إلى الموت” إذا لم يكن قد قُتل.
وكتب أحد المتابعين:
- “ربما لم يُطلق النار على نفسه… لكن ضغوطهم فعلت.”
هل يمكن أن تُغلق القضية دون محاسبة؟
- السؤال الأهم الآن هو: هل تكتفي السلطات ببيان الداخلية، أم تستمر التحقيقات؟
- السوابق تقول إن قضايا الرأي العام في مصر تمر بمراحل متعددة، تبدأ بالبيانات الرسمية، ثم تحقيقات الطب الشرعي، وقد تتطور لاحقًا إلى إعادة فتح الملف إن ظهرت قرائن جديدة.
في حالة أحمد الدجوي، كل شيء مرهون بتقرير الطب الشرعي وأقوال أسرته، وما إذا كانوا سيصرون على الانتحار، أم يطالبون بالتحقيق من جديد.
خاتمة: ما بين الرصاصة والحقيقة
رحل أحمد الدجوي، لكن خلفه أسئلة حارقة لن تموت سريعًا:
- هل أنهى حياته بيده؟
- أم كان ضحية صراع خفي في أروقة السلطة والمال؟
- هل سُحب الزناد أم وُضع في يده بعد فوات الأوان؟
مهما كانت الحقيقة، فقد فُقدت روح شابة واعدة كان يمكن أن تقدم الكثير، ولكنها وجدت نفسها في قلب عاصفة، خرج منها جسدًا بلا حياة، وظلالًا لا تزال تلاحق الرواية الرسمية.