من هو أحمد الدالاتي ويكيبيديا السيرة الذاتية؟ قائد الأمن الداخلي الجديد في السويداء ودوره في مستقبل سوريا
بعد أكثر من عقد على الحرب السورية، دخلت البلاد في مرحلة دقيقة تحمل آمالًا وهواجس متشابكة، عنوانها: الاستقرار وإعادة الهيكلة. وبين محطات هذه المرحلة، برز اسم العميد الدكتور أحمد الدالاتي، الذي أُعلن عن تعيينه قائدًا للأمن الداخلي في محافظة السويداء، في خطوة وُصفت بأنها حجر أساس في مشروع دمج المحافظة ضمن المؤسسات السيادية السورية، وإنهاء مرحلة طويلة من التوتر الأمني والانفلات.
هذا المقال يغوص في السيرة الذاتية للدالاتي، ويكشف خلفيات تعيينه، وأبعاد دوره في المشهد الأمني والإداري في الجنوب السوري، وتحديدًا في محافظة السويداء ذات الخصوصية الديموغرافية والسياسية.
من هو د. أحمد الدالاتي ويكيبيديا السيرة الذاتية؟
العميد أحمد الدالاتي هو ضابط رفيع المستوى في وزارة الداخلية السورية، وشخصية عسكرية لها باع طويل في إدارة الملفات الأمنية والعسكرية خلال فصول الحرب السورية الممتدة منذ عام 2011.
عرف عن الدالاتي أنه يتمتع بقدرات تنظيمية عالية ويميل إلى الحلول المؤسسية في معالجة الأزمات، وهو ما جعله يحظى بثقة صانعي القرار في دمشق. إلى جانب خلفيته العسكرية، فهو يحمل شهادة الدكتوراه في العلوم العسكرية، وشارك في عدد من المؤتمرات الداخلية المتعلقة بإعادة بناء الهيكلية الأمنية للدولة السورية.
لماذا تم تعيين الدالاتي في السويداء تحديدًا؟
تأتي خطوة تعيينه قائدًا للأمن الداخلي في محافظة السويداء ضمن اتفاق استراتيجي تم التوصل إليه بين الحكومة السورية ووجهاء المحافظة، الذين طالبوا بإجراءات حقيقية تضمن عودة مؤسسات الدولة، مقابل إنهاء حالة التمرد الأمني والفصائل المسلحة غير النظامية التي كانت تُدار خارج سلطة الدولة.
كان واضحًا أن دمشق أرادت شخصية مقبولة نسبيًا من مختلف الأطراف، وتتمتع بالكفاءة والخبرة في آن معًا، لذلك وقع الاختيار على أحمد الدالاتي، الذي يملك سجلًا نظيفًا نسبيًا من التجاوزات خلال السنوات الماضية.
السويداء: محافظة الهوامش والخصوصيات
السويداء، الواقعة في الجنوب السوري والمحسوبة تاريخيًا على الطائفة الدرزية، كانت خلال سنوات الحرب واحدة من أكثر المحافظات السورية “استقلالًا” في قرارها الأمني والاجتماعي. لم تنخرط بشكل مباشر في صراع القوى بين النظام والمعارضة، لكنها عانت من الانفلات الأمني، وظهور ميليشيات محلية، وغياب كامل للدولة في بعض الفترات.
ومن هنا كانت الحاجة لإعادة هيكلة المنظومة الأمنية فيها، عبر وثيقة تفاهم تُعيد للحكومة سلطتها، وللمواطنين ثقتهم بالمؤسسات.
بنود وثيقة التفاهم: الإطار الحاكم لمهام الدالاتي
تعيين الدالاتي لم يكن قرارًا إداريًا فقط، بل جاء كترجمة فعلية لـ وثيقة تفاهم تاريخية تم توقيعها بين وزارة الداخلية ووجهاء من السويداء، وشملت بنودًا مهمة مثل:
- تفعيل الضابطة العدلية في جميع المناطق
- إعادة دمج الضباط المنشقين والفصائل المسلحة ضمن صفوف وزارة الدفاع.
- صرف الرواتب المتأخرة للموظفين العموميين في المحافظة.
- إصلاح المؤسسات الحكومية الخدمية التي تراجعت بشكل كبير.
- ضبط انتشار السلاح غير الشرعي وإنهاء حالات التعدي على الممتلكات العامة والخاصة.
وتنص الوثيقة كذلك على أن تكون كل خطوات إعادة الهيكلة تحت إشراف مباشر من وزارة الداخلية، وبشراكة فعلية مع المجتمع المحلي، بما في ذلك الزعامات الدينية والاجتماعية.
كيف استقبل الشارع السويدائي قرار تعيينه؟
رغم تحفظ بعض الأطراف على عودة مركزية الدولة الأمنية، فإن قرار تعيين أحمد الدالاتي حظي بتأييد نسبي من قطاعات واسعة في السويداء، خصوصًا فئة الشباب والموظفين، الذين رأوا في هذا التعيين بداية جديدة نحو الأمان بعد سنوات من الفوضى.
كما أن موقف الدالاتي المعلن من رفض السلاح خارج المؤسسات الرسمية، وتأكيده المتكرر على أولوية “الحوار” في إدارة المرحلة الانتقالية، أعطاه هامش قبولٍ أكبر، مقارنة بأسماء أمنية كانت تُطرح سابقًا وتُقابل بالرفض الشعبي.
الدور المتوقع لأحمد الدالاتي في المرحلة المقبلة
بتوليه هذا المنصب، يتعين على العميد الدالاتي التعامل مع ملفات شديدة الحساسية، أبرزها:
- تفكيك المجموعات المسلحة غير النظامية دون خلق صدامات داخلية.
- ضبط الحدود مع الأردن ومكافحة التهريب والأنشطة غير المشروعة.
- تنظيم ملف المعتقلين والمطلوبين داخل المحافظة وفق القوانين العامة وليس الاعتباط.
- إعادة الاعتبار لأجهزة الشرطة والضابطة العدلية.
- طمأنة المجتمع المحلي بأن الأمن لا يعني العودة للقبضة الحديدية، بل التشارك والاستقرار.
لماذا يعتبر هذا التعيين نقطة مفصلية في المشهد السوري؟
لأن السويداء هي المحافظة الوحيدة التي لم تدخل في مواجهات حقيقية مع النظام، لكنها أيضًا لم تكن تحت سيطرته الفعلية، وكان يُنظر إليها باعتبارها “الحلقة المفقودة” في معادلة عودة السيطرة المركزية.
وبالتالي فإن نجاح الدالاتي في مهمته قد يُشكل نموذجًا يمكن تطبيقه في مناطق أخرى خارجة عن سيطرة الحكومة، من خلال سياسات التهدئة والدمج بدلًا من المواجهة والعسكرة.
مواقف أحمد الدالاتي السياسية: بين الواقعية والانفتاح
في عدد من التصريحات النادرة التي نُقلت عنه خلال السنوات الماضية، أشار الدالاتي إلى أن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون أمنيًا صرفًا، بل يجب أن يكون شاملاً، يجمع بين الأمن والسياسة، وبين المركزية والتمثيل المحلي.
كما أبدى تفهمًا لمطالب فئات واسعة في السويداء بالحفاظ على الخصوصية الدينية والاجتماعية، لكنه أكد في الوقت ذاته أن لا مستقبل لسوريا بوجود قوى مسلحة خارج منظومة الدولة.
تحديات الدالاتي: الواقع أعقد من التوقعات
رغم ما يحمله من خبرة وتفويض رسمي، إلا أن أحمد الدالاتي يواجه تحديات واقعية كثيرة، منها:
- شبكات النفوذ المحلي التي نشأت خلال الحرب وتغلغلت في كافة مفاصل الحياة.
- اقتصاد الحرب الذي يعتمد على التهريب والجباية، ويصعب تفكيكه بدون بدائل اقتصادية.
- الشكوك المتراكمة في نوايا الدولة المركزية، بعد سنوات من التهميش والغياب.
- تأثير القوى الخارجية والإقليمية التي كانت تراقب الوضع في الجنوب، وراهنت على فصائل بعينها.
هل يستطيع أحمد الدالاتي تحقيق الاستقرار في السويداء؟
الجواب يتوقف على عدة عوامل:
- مدى الدعم السياسي الفعلي من دمشق وعدم التخلي عنه عند أول عقبة.
- استعداده الشخصي للانفتاح على المجتمع المحلي والاستماع للمخاوف والمطالب.
- قدرة مؤسسات الدولة على مواكبة التغيير وتقديم خدمات حقيقية للمواطنين.
- وعي سكان السويداء أنفسهم، وحرصهم على إنهاء الفوضى، وإعطاء فرصة جديدة لمشروع بناء الدولة.
السويداء من خاصرة رخوة إلى نموذج تفاهم وطني؟
إذا نجح المشروع الذي يقوده أحمد الدالاتي، فقد تتحول السويداء من “خاصرة رخوة” إلى نموذج تفاهم وطني سوري، قائم على الحوار والتكامل، بعيدًا عن القمع أو العسكرة، خاصة وأن أبناء المحافظة طالما عبّروا عن رفضهم لتحويلها إلى ساحة تصفية حسابات.
خاتمة: بين الأمل والتحدي
في النهاية، تعيين د. أحمد الدالاتي قائدًا للأمن الداخلي في السويداء ليس مجرد حركة إدارية، بل عنوانًا لمرحلة سياسية جديدة في سوريا، يُختبر فيها مدى قدرة الدولة على الانتقال من منطق القوة إلى منطق الشراكة.
هل سينجح الدالاتي في تطويع المرحلة؟ أم سيكون حلقة جديدة في سلسلة محاولات فاشلة لفرض الاستقرار من الأعلى؟
الجواب ستكتبه الأيام، لكنه بالتأكيد بدأ مع اسمه.