سبب سحب الجنسية من اثنين من سكرتارية محمد الخليفة.. ما القصة الكاملة؟

أسباب سحب الجنسية من اثنين من سكرتارية النائب السابق محمد الخليفة: القصة الكاملة والتحقيقات التي قد تُعيد ترتيب أوراق السياسة.

في وقت حساس تمر به الدول بمراجعات جوهرية لملفات المواطنة والانتماء، جاءت خطوة سحب الجنسية من شخصين تابعين لسكرتارية النائب البرلماني السابق محمد الخليفة لتشكّل حدثًا مدوّيًا، تجاوز البعد الإداري ليلامس عمق التحولات السياسية التي تعيشها البلاد.

القرار الذي أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والسياسية لم يكن مفاجئًا بالكامل، بل بدا كحركة منتظرة ضمن سلسلة تطهيرية لملف طالما شابه الغموض. إنه ملف “التجنيس السياسي”، الذي فتح جراحًا قديمة، وأعاد إلى الواجهة نقاشًا مسكوتًا عنه لسنوات.

في هذا التقرير الحصري، نروي القصة من جذورها، ونغوص في خلفيات القرار، ونستعرض تداعياته السياسية والقانونية والاجتماعية، ونسأل: هل انتهى عهد تجنيس الولاءات؟ أم أن ما حدث مجرد تصفية لحسابات سابقة؟

سبب سحب الجنسية من اثنين من سكرتارية محمد الخليفة: من التجنيس السريع إلى السحب المفاجئ

تعود جذور القضية إلى الفترة التي كان فيها محمد الخليفة نائبًا برلمانيًا فاعلًا، يشارك في لجان حساسة ويطرح مواقف قوية في قضايا تمسّ الحكومة مباشرة.

في تلك الفترة، وبحسب مصادر مطلعة، جرت عمليات تجنيس لبعض الأشخاص الذين لم تنطبق عليهم الشروط القانونية، من بينهم اثنان كانا ضمن طاقم سكرتارية النائب نفسه.

القرار الأخير بسحب الجنسية منهما، صدر بعد مراجعات أمنية وقانونية مطولة، أكدت أن عملية التجنيس لم تتم وفق المسارات الرسمية المعتادة، بل جاءت كـ”مقابل سياسي” لتأمين دعم في تصويتات داخل البرلمان، أو لإحداث توازن في لجان رقابية كانت تفتقر للأغلبية.

ما وراء القرار: صفقات سياسية بغطاء إداري

وفق الوثائق التي تم تسريبها لبعض الصحفيين، لم يكن الشخصان المعنيان مؤهلين للجنسية من حيث مدة الإقامة، ولا يملكان سجلاً يبرز مساهمة مجتمعية أو علمية تبرر هذا الامتياز. والأخطر من ذلك، أن عملية التجنيس تمت بناءً على توصية مباشرة من النائب محمد الخليفة، دون مرور بفلترة أمنية أو مراجعة سيادية.

بمعنى أدق، لم تكن الجنسية مكافأة على الإنجاز أو الانتماء الحقيقي، بل كانت ورقة سياسية استُخدمت لتمرير أهداف ظرفية، في لحظة كانت البلاد تعيش فيها اضطرابًا سياسيًا عميقًا.

من هو محمد الخليفة ويكيبيديا السيرة الذاتية؟ النائب الذي لا يغيب عن العاصفة

من الصعب ذكر اسم محمد الخليفة دون استحضار قائمة طويلة من الملفات الحساسة. فهو من أولئك السياسيين الذين ظلوا في دائرة الضوء، سواء بسبب مشاركاته النيابية الفاعلة، أو لارتباطه بعلاقات وثيقة مع دوائر تجارية، وشبكات نفوذ امتدت إلى مواقع صنع القرار.

ورغم أن الخليفة لم يُصدر أي تصريح رسمي بعد الإعلان عن سحب الجنسية من سكرتاريته السابقة، إلا أن بعض المراقبين يرون أن صمته مؤشر على عمق المأزق، وربما استراتيجية لامتصاص الصدمة ريثما تتضح معالم التحقيق.

التوقيت.. لماذا الآن؟

السؤال الذي يطرحه الجميع: لماذا الآن؟ لماذا تُسحب الجنسية من شخصين لا يشغلان مناصب رسمية حاليًا؟

  • الإجابة المحتملة تكمن في إعادة هيكلة ملف الجنسية من قِبل الجهات السيادية، بعد تزايد الانتقادات بشأن تجنيس تم لأسباب غير قانونية، سواء عبر علاقات سياسية، أو لأهداف انتخابية قصيرة الأمد.
  • ويبدو أن الدولة بدأت تنتهج سياسة “التحصين الداخلي”، عبر إزالة التجاوزات السابقة، وإعادة فرض مبدأ الاستحقاق مقابل الانتماء، وليس الولاء مقابل الامتياز.

القانون لا يرحم.. ماذا يعني سحب الجنسية؟

بحسب القوانين الوطنية المعمول بها، فإن سحب الجنسية يتم عادة في حالات واضحة مثل:

  • الحصول عليها عبر الغش أو التزوير أو الإخفاء المتعمّد للمعلومات.
  • القيام بأعمال تضرّ بالأمن الوطني أو المصالح العليا للدولة.
  • الحصول عليها ضمن صفقات غير قانونية أو لأغراض سياسية.

وفي هذه الحالة، تنطبق الشروط الأخيرة على الواقعة، ما يمنح القرار مشروعية قانونية، ويفتح الباب لمراجعة عشرات الملفات المشابهة التي تم التغاضي عنها في فترات سابقة.

ردود الفعل: انقسام حاد بين مرحّب ومشكّك

أثار القرار موجة من ردود الفعل الحادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي. ففي حين عبّر البعض عن ارتياحهم لهذه الخطوة التصحيحية، اعتبر آخرون أن التوقيت يحمل رسائل سياسية مبطنة، وأن المستهدف الحقيقي ليس الشخصين المسحوبة منهما الجنسية، بل محمد الخليفة نفسه.

نائب برلماني سابق غرّد عبر حسابه:

“الجنسيات ليست أوراقًا تُمنح بالمجاملات السياسية. ما يحدث الآن خطوة أولى في تنظيف ملف الجنسية الذي أُفسدته الولاءات.”

هل سيطال التحقيق مسؤولين آخرين؟

وفق معلومات غير رسمية، هناك نية لفتح تحقيق شامل في ملفات التجنيس التي جرت في الأعوام التي تسبق الانتخابات الأخيرة. وقد يشمل التحقيق شخصيات نيابية وتنفيذية لعبت أدوارًا مباشرة في التوصية أو التوقيع على ملفات مشبوهة.

وقد يتم استدعاء بعض من كان لهم دور إداري في إصدار قرارات التجنيس لمساءلتهم عن آلية التحقق، والسبب في تجاوز الإجراءات القانونية المعمول بها.

مصير الشخصين المعنيين بعد سحب الجنسية

بموجب القوانين الحالية، فإن سحب الجنسية يعني بالضرورة فقدان الإقامة النظامية، إلا إذا تم تصحيح الوضع عبر منح إقامة بديلة (دائمة أو مؤقتة)، وهو أمر مستبعد نظرًا لوجود وثائق تُثبت التجاوز القانوني.

وفي حال عدم تصحيح الوضع، يُطلب من الشخصين مغادرة البلاد خلال فترة لا تتجاوز 30 يومًا، مع إمكانية تقديم تظلّم، وإن كانت فرص قبوله ضئيلة.

الانعكاسات السياسية على محمد الخليفة

القرار يضع محمد الخليفة، رغم غيابه عن المشهد النيابي الحالي، في موضع المساءلة المعنوية، على الأقل أمام الرأي العام. وحتى في حال عدم وجود ملاحقة قانونية مباشرة له، فإن مجرد ارتباط اسمه بهذه الواقعة يعيد تسليط الضوء على سلوكه السياسي في فترات سابقة.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تؤثر على مستقبله السياسي، خصوصًا إذا ما قرر العودة إلى الترشح أو لعب دور في أي تشكيلات قادمة.

هل نحن أمام مرحلة جديدة من “تعقيم الجنسية”؟

ربما كان هذا هو العنوان الأهم للقضية. فسحب الجنسية في مثل هذه الحالات ليس تصحيحًا إداريًا فقط، بل خطوة باتجاه سياسة وطنية أكثر حزمًا، تهدف إلى حماية قيمة الهوية، والتأكيد على أن الانتماء لا يُباع ولا يُشترى.

الخلاصة: جنسية بمقابل سياسي.. وسحبها بقرار سيادي
ما حدث قد يبدو في ظاهره إجراءً إداريًا ضد فردين، لكنه في جوهره رسالة سياسية قوية مفادها أن الدولة بدأت تعيد تعريف المواطنة على أسس جديدة، تُنهي زمن التجاوزات، وتبدأ مرحلة المحاسبة.

وفي بلد يسعى لبناء مؤسسات تقوم على العدالة والشفافية، فإن ما جرى يُعدّ مؤشرًا مهمًا على استعادة ثقة المواطن في أن الجنسية ليست امتيازًا يُمنح بالصفقات، بل استحقاقًا يقوم على الانتماء الحقيقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى