لحظة انتصار تحولت إلى وداع.. قصة وفاة المختار مارون مبارك: السبب الحقيقي

في لحظة نادرة تجمع فيها الفرح بالحزن، والاحتفال بالفقد، طوت بلدة “بصليا” في الجنوب اللبناني صفحة يوم انتخابي حافل على مشهد لم يكن أحد يتوقعه.

المختار مارون مبارك، الذي عاش بين أهله وخدمهم لسنوات، فاز بمنصب المختار بعد حملة حماسية، لكنه لم يُكمل فرحة إعلان النتيجة… فقد أسلم الروح لحظات قليلة بعد إعلان فوزه، إثر سكتة قلبية مفاجئة.

الخبر الذي أوردته قناة “MTV” اللبنانية مساء السبت 24 مايو 2025، لم يكن فقط خبراً محلياً عابراً، بل تحوّل خلال ساعات إلى حديث وسائل الإعلام ومواقع التواصل، حيث تفاعل اللبنانيون بحزن مع المفارقة الصادمة: رجل كافح للفوز، ثم خطفه الموت في لحظة انتصاره.

مارون مبارك، المختار المحبوب، الذي كان يراه أهل بلدته رمزاً للهدوء والخدمة الصادقة، وُصف يوم وفاته بأنه “صاحب القلب الطيب الذي خانه قلبه فجأة”، بينما تحدث البعض عن أن الإرهاق النفسي، وضغط الانتخابات، كانا سببًا في هذه النهاية المأساوية.

في هذا التقرير، نستعرض السيرة الذاتية للمختار مارون مبارك، ونروي بالتفصيل ما جرى في الساعات الأخيرة من حياته، ونحلل الملابسات الطبية التي قادت إلى وفاته، كما نستعرض شهادات المحيطين به، وردود الفعل الرسمية والشعبية، وسط دعوات بأن يكون رحيله حافزًا لمراجعة الضغوط النفسية التي يمر بها مسؤولو الخدمات العامة في لبنان.

 من هو مارون مبارك ويكيبيديا؟ السيرة الذاتية لمختار بصليا الراحل

المختار مارون مبارك هو أحد أبرز الشخصيات الخدماتية في بلدة بصليا، الواقعة في قضاء جزين جنوب لبنان، عرفه أهل البلدة منذ سنوات طويلة كمواطن خدوم، حاضر دائمًا في المناسبات العامة والخاصة، لا يتأخر عن تقديم المساعدة، ويُعرف عنه علاقته الجيدة مع جميع الأطياف، رغم كونه من المناصرين البارزين لـ “التيار الوطني الحر”.

ولد مارون مبارك في بصليا، وتربّى في بيئة جنوبية محافظة. تلقّى تعليمه الابتدائي في مدارس المنطقة، وعُرف بذكائه الاجتماعي وبساطته. لم يترك القرية يومًا، بل بقي فيها، يشارك أهلها أفراحهم وأحزانهم، ويؤمن بأن الاختيار الحقيقي يكون بالخدمة لا باللقب.

خاض الانتخابات البلدية والاختيارية لعام 2025 مرشحًا لمنصب المختار، بدعم مباشر من “التيار الوطني الحر”، ونجح في استقطاب شريحة كبيرة من الأصوات بفضل رصيده الشعبي الطويل، والتزامه بقضايا الناس.

 يوم الانتخابات.. النصر الذي لم يُحتفل به

صباح يوم السبت، 24 مايو 2025، شهدت بلدة بصليا حالة من الترقب مع انطلاق الانتخابات الاختيارية، وهي الانتخابات التي تعنى بتعيين المخاتير في القرى اللبنانية، وتُعد إحدى أبرز محطات العمل البلدي المحلي.

مارون مبارك دخل المعركة بثقة عالية، بعدما أمضى الأسابيع الماضية متنقلًا من بيت إلى بيت، ملقيًا التحية، مستمعًا للناس، وواضعًا أولويات خدمية واضحة.

وبعد فرز الأصوات مساء ذلك اليوم، جاء الإعلان: “مارون مبارك يفوز رسمياً بمنصب مختار بصليا”.

وبينما بدأ أنصاره في الاحتفال، وانطلقت التهاني من الأقارب والأصدقاء، سقط مارون أرضًا بشكل مفاجئ، أمام الجميع، دون مقدّمات. كانت النظرات مذهولة، والهتاف تحوّل إلى صراخ، والفرح تبدّل إلى صدمة.

سبب وفاة المختار مارون مبارك: سكتة قلبية مفاجئة

بحسب قناة “mtv” اللبنانية التي كانت تتابع سير العملية الانتخابية، فإن الوفاة كانت ناجمة عن سكتة قلبية مفاجئة، بعد دقائق فقط من إعلان النتيجة.

وبحسب شهود عيان، فإن المختار شعر بدوار خفيف، ثم فقد وعيه كليًا، ولم يُجدِ تدخل المسعفين الذين حاولوا إنعاشه.

سكتة القلب المفاجئة تُعرف طبياً بأنها توقف القلب عن ضخ الدم نتيجة خلل كهربائي مفاجئ في عضلة القلب، وهي غالباً ما تكون قاتلة في أقل من خمس دقائق إذا لم تتم معالجتها بوسائل طبية فورية، مثل جهاز الرجفان القلبي.

في حالات كثيرة، يكون المصاب لا يعاني من أعراض واضحة، وقد يكون في وضع مستقر لحظات قبل التوقف المفاجئ.

وتشير بعض التقارير الطبية إلى أن الضغوط النفسية والانفعالات المفاجئة – مثل الفرح الشديد أو التوتر العالي – يمكن أن تكون محفزاً مباشراً لهذا النوع من النوبات، وهو ما ينطبق على ما حدث مع المختار مبارك.

 ما علاقة الضغط النفسي والمفاجآت القلبية؟

دراسات عديدة تربط بين الضغط العصبي المفاجئ والنوبات القلبية. وفي حالة المختار مارون مبارك، فإن الحملة الانتخابية، وما تحمله من مشقة جسدية ونفسية، قد لعبت دورًا غير مباشر في التهيئة لحالة قلبية صامتة انفجرت لحظة إعلان النصر.

الطب النفسي يُطلق على هذه الحالة مصطلح “متلازمة القلب المنكسر”، وهي حالة مشابهة لأزمة قلبية، لكنها ناجمة عن تغيرات مفاجئة في هرمونات التوتر مثل الأدرينالين.

 شهادات من عرفوه: رجل أخلاق وهدوء

  • “كان أباً للجميع”، هكذا وصفه أحد أبناء بلدته، الذي أضاف:
  • “ما عرفنا منه إلا الخير، يحب الناس، وينزل إلى الشارع ليخدم بنفسه، ويجيب الهاتف في أي ساعة من النهار أو الليل.”

زميله في الحملة الانتخابية قال:

  • “كان يخطط لتطوير خدمات البلدة، وكان أول ما قاله بعد إعلان الفوز: بدنا نكمل كل مشروع وقف. ما لحق.. بس ربك عارف نيتو.”

 مراسم التشييع: وداع يليق بمختار لم يُكمل نصره

في اليوم التالي، شيّعت بلدة بصليا جثمان ابنها مارون مبارك في جنازة شارك فيها المئات من أبناء المنطقة، إلى جانب وفود رسمية، وفعاليات حزبية وشخصيات اجتماعية.

أُقيمت الصلاة على روحه في كنيسة مار جرجس، ثم وُري الثرى في مدافن البلدة وسط مشهد مؤثر، اختلطت فيه الدموع بالدعوات، والورود بذكريات عمرٍ من العطاء الصامت.

 ردود فعل حزينة على مواقع التواصل

تحوّل وسم #مارون_مبارك إلى ترند لبناني لساعات على فيسبوك وتويتر، حيث نعاه ناشطون بكلمات مؤثرة:

  • “ربح الانتخابات وخسره القلب.. يا لخسارتنا!”
  • “كم نحتاج من الصدق والوفاء ليُولد مارون آخر؟”
  • “بصليا تبكي ابنها الحقيقي، الذي خدم بصمت ورحل بلا ضجيج”

 موقف “التيار الوطني الحر”

أصدر “التيار الوطني الحر” بياناً نعى فيه المختار مارون مبارك، وجاء في البيان:

“بأسى بالغ، ننعي أحد رجالنا الصادقين، الذي ترشح باسم التيار وفاز بثقة الناس، لكنه ودّع الحياة قبل أن يُكمل مسيرته. رحم الله مارون مبارك، وجعل ذكراه نبراسًا في خدمة الوطن.”

 هل هناك إجراءات قانونية بعد الوفاة؟

بحسب قانون الانتخاب البلدي والاختياري في لبنان، فإن وفاة المختار المنتخب قبل تسلمه المنصب يُعدّ “شغورًا”، ويُصار إلى إعادة انتخاب مختار بديل، وفق آليات تحددها وزارة الداخلية، ما يعني أن بصليا قد تشهد انتخابات تكميلية لاحقة.

 خاتمة: المختار الذي ترجل قبل التهنئة
لم يكن مارون مبارك رجل سياسة تقليدي، بل ابن الناس، واحد منهم، يعرفهم بأسمائهم، ويعرفونه بابتسامته البسيطة. أن يرحل بعد إعلان فوزه بلحظات، هي قصة تستحق أن تُروى، ليس فقط كحدث، بل كعبرة، أن خدمة الناس مسؤولية عظيمة، وأن فرحة النصر قد تكون آخر ما يشعر به الإنسان.

رحم الله المختار، وجعل البركة في من يحمل الراية من بعده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى