أسباب وفاة الشيخ عايد السلطان الذايدي.. سيرة حكيم رحل بجلال المواقف وطيب الذكر

في وداع يليق بالكبار، غيّب الموت رجلًا من رجالات الكويت المخلصين، وواحدًا من أعمدة التاريخ القبلي في منطقة الخليج، إنه الشيخ عايد السلطان الذايدي، الذي غادر دنيانا يوم السبت الموافق 24 مايو 2025، مخلفًا وراءه إرثًا من الحكمة والوقار والمعرفة، لا يُقاس بثروة ولا يُعد بممتلكات.

الراحل لم يكن فقط رمزًا في قبيلته الذوايدة من عنزة، بل كان مرجعًا موثوقًا لدى كل من عرفه، وموسوعة تاريخية تمشي بين الناس، تحمل في طياتها ذاكرة ممتدة من النسب والسير والمواقف، تحفظها وترويها بتوثيق المحقق ورصانة العارف.

مع إعلان نبأ الوفاة، خيمت أجواء من الحزن على أهالي الواحة والجهراء ومناطق عنزة عمومًا، وسارعت الشخصيات الاجتماعية والقبلية إلى نعيه عبر الكلمات والمواقف، تعبيرًا عن حجم الخسارة، ورثاءً لرجل عاش كبيرًا ومات كبيرًا.

في مقبرة الجهراء، حيث دُفن الشيخ بعد صلاة العصر، وقف المئات مودعين، ما بين أبنائه وأحفاده، وأفراد قبيلته، ومحبين له من مختلف مناطق الكويت والخليج. كان الحضور صامتًا، مهيبًا، وكأن الجميع أدرك أن هذا اليوم ليس وداع رجل، بل وداع مرحلة.

في هذا المقال، نأخذك في رحلة عبر حياة الشيخ عايد السلطان الذايدي، لنروي كيف عاش، وماذا ترك، ولماذا كان لرحيله وقعٌ مختلف، وماذا قال الناس في ذكراه.

 من هو الشيخ عايد السلطان الذايدي ويكيبيديا السيرة الذاتية؟

ينتمي الشيخ عايد السلطان إلى قبيلة عنزة، وبالتحديد من فرع الذوايدة المعروفين بكرمهم ومكانتهم البارزة في التركيبة القبلية في الكويت وشمال الجزيرة العربية.

وهو من مواليد ثلاثينيات القرن الماضي، وقد نشأ في بيئة قبلية تتمسك بقيم النسب، والحكمة، وحفظ التاريخ الشفهي الذي يُروى عبر الأجيال.

تميّز الشيخ منذ شبابه بعقله الراجح، ولسانه الرزين، وكان معروفًا في مجلسه بالحكمة والصمت المدروس، حتى غدا لاحقًا لسان حال الذوايدة، وناقلًا صادقًا لسيرهم، ومرجعًا لا يُخطئ في الأنساب ولا في الوقائع.

 إرث معرفي لا يُقاس

لم يكن الراحل رجلًا يُقاس بما يملك من مال أو أرض، بل كان يُقاس بما يحمله من إرث معرفي، وتاريخ شفهي دقيق، حفظ فيه سِيَر الذوايدة وأحداثهم، وأسماء رجالاتهم، ومواقفهم في السلم والحرب، في الجاهلية والإسلام، في القربى والخصام.

كان الشيخ عايد يُلقّب بين أقاربه بـ”ذاكرة القبيلة”، لأنه ما نُسي موقف أو نسب أو حادثة إلا واستُرجعت منه، وقد كرّس عمره في حفظ الرواية القبلية، ونقلها بأمانة إلى الجيل الجديد، دون تحريف أو مبالغة، فكان صادقًا في النقل، عادلًا في الحُكم.

وكم من شاب وناشئ من أبناء القبيلة جلس إليه، ليسأله عن أصول الجدود، أو ليعرف من يكون فلان وفلان، وكان الشيخ يجيب كأنما يُمسك خارطة نسبٍ لا تُمحى.

 مساهماته في إصلاح ذات البين

لم تكن حياة الشيخ عايد الذايدي محصورة في المجال المعرفي فقط، بل كانت له إسهامات بارزة في الإصلاح الاجتماعي، فقد عُرف بحُسن الوساطة، وهدوء الصوت، واستيعاب الأطراف في الخلافات والنزاعات العائلية والقبلية.

ولم يكن غريبًا أن يُستدعى لحضور مجالس الصلح الكبرى في الجهراء أو حتى خارجها، لما له من مكانة يُحتكم إليها، ورأي يُلتف حوله، وكلمة تُطفئ نار الخصام وتعيد المياه إلى مجاريها.

وبين من يعرفونه، يُقال إن الشيخ عايد لم يخرج يومًا من مجلس صلح دون أن يُرضي الطرفين، وهذا ما أكسبه حب الجميع، حتى من خارج قبيلته، وهي ميزة لا ينالها إلا أهل النوايا الصافية والبصيرة العميقة.

سبب وفاة الشيخ عايد السلطان الذايدي الحقيقي

رحل الشيخ عايد في صباح يوم السبت 24 مايو / أيار 2025، بعد معاناة صحية امتدت لأشهر، وكان في أيامه الأخيرة محاطًا بأبنائه وأحفاده، يوصيهم بحفظ الإرث، وكرم الضيافة، وصلة الرحم، والاعتزاز بالنسب.

وقد تمت الصلاة عليه بعد صلاة العصر في مسجد مقبرة الجهراء، بحضور حشود غفيرة ضاقت بهم ساحات المقبرة، منهم من جاء من محافظات بعيدة، ومنهم من قطع المسافات من خارج الكويت ليؤدي واجب العزاء.

شهدت الجنازة مشاهد مؤثرة، أبرزها بكاء الكبار قبل الصغار، وترديد الأدعية والأذكار أثناء حمل الجثمان، ثم تواريه الهادئ تحت التراب، وسط دعوات الرحمة والمغفرة.

 كلمات من القلب.. رثاء الذايدي في المجالس والمنصات

مع انتشار خبر الوفاة، انطلقت رسائل التعزية من كل حدب وصوب، وتحوّلت صفحات التواصل الاجتماعي إلى مجالس عزاء إلكترونية.

أحد شيوخ القبائل كتب:

“رحم الله عايد السلطان، فقدنا اليوم رجلًا لا يتكرر، ذاكرة تنطق بالحقيقة، وصوتًا لا يعرف الكذب، كان ملاذًا وقت الخصام، وبركة في السلم.”

في حين نشر أحد أبناء الذوايدة على “إكس” (تويتر سابقًا):

“لم نعرفه إلا مبتسمًا، إن جلس صمت، وإن تكلم علّم. رحمك الله يا وجه الفخر.”

 كيف ستُحفظ ذاكرته؟

يرى المقربون أن ما تركه الشيخ الذايدي من سرد ومرويات ومواقف يجب أن يُوثق، سواء من خلال إصدار كتاب يُخلّد سيرته، أو عبر تسجيلات صوتية ومرئية يحتفظ بها أبناؤه، كي لا تذهب تلك المعرفة النادرة مع الراحل، كما ذهب كثير من التاريخ الشفهي في أجيال سابقة.

وتُطرح مبادرات حاليًا في أوساط القبيلة لإطلاق اسمه على مجلس قبلي أو قاعة اجتماعية أو منتدى ثقافي، ليبقى اسمه حيًا في الذاكرة الجمعية.

 عايد السلطان الذايدي.. من كان؟

  • الاسم الكامل: عايد بن سلطان الذايدي
  • القبيلة: عنزة (الذوايدة)
  • المنطقة: الواحة – الجهراء – الكويت
  • تاريخ الوفاة: السبت 24 مايو / أيار 2025
  • العمر عند الوفاة: 82 عامًا تقريبًا
  • الصفات المشهورة عنه: الحكمة، حسن الإصغاء، الحفظ التاريخي، إصلاح ذات البين
  • أبرز أدواره المجتمعية: الوساطة في النزاعات، سرد النسب، تأصيل الوقائع القبلية

 الختام: رحل الشيخ.. وبقي الأثر
برحيل الشيخ عايد السلطان الذايدي، فقدت الكويت أحد أعمدة الذاكرة القبلية، وشخصية نادرة لا تتكرر، رجلٌ جمع بين الرزانة والمعرفة، وبين الحياء والحكمة، عاش ومات دون أن يحمل في قلبه عداوة لأحد، وهي شهادة لا يملكها إلا القليل.

سيبقى اسمه محفورًا في صدور من عرفوه، وفي المجالس التي شهدت أحاديثه، وبين شباب تعلّموا منه أن الرجولة ليست في الصوت العالي، بل في العقل، والصدق، وحُسن الخلق.

رحم الله الشيخ، وجعل قبره روضة من رياض الجنة، وألهم أبناءه من بعده أن يكونوا امتدادًا له في الفخر والمعرفة والخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى