ما أصل الفنان أحمد إيراج؟ وهل سُحبت منه الجنسية الكويتية؟

لا تمر قضايا الجنسية مرور الكرام في أي بلد، فكيف إذا كانت متعلقة بفنان محبوب، له قاعدة جماهيرية واسعة، وصوت درامي حاضر في كل بيت خليجي؟ هنا لا نتحدث فقط عن قضية قانونية، بل عن قصة إنسانية، وصراع هوية، وتجربة شخصية، اجتمعت كلها في اسم واحد: أحمد إيراج.

في الأيام الأخيرة، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر سحب الجنسية الكويتية من الفنان أحمد إيراج، في قرار شمل أكثر من 20 اسمًا، من بينهم شخصيات معروفة وأخرى ارتبطت بمناصب سياسية أو فنية. هذا القرار، رغم أنه صدر في صمت رسمي نسبي، أحدث ضجيجًا واسعًا في الإعلام، وتسبب في انقسام بين مؤيدين يرون في الأمر تطبيقًا للقانون، ومعارضين يعتبرونه إجحافًا في حق رجل خدم الفن الكويتي على مدى عقدين.

لكن في خضم هذا الضجيج، طُرحت أسئلة كثيرة: من هو أحمد إيراج فعلًا؟ ما أصل عائلته؟ كيف حصل على الجنسية؟ وهل ما جرى هو قرار قانوني صارم، أم ضربة موجعة لممثل أعطى الكثير؟ والأهم: ماذا بعد؟ وما مصير الفنان بعد هذا القرار؟

في هذا المقال، نغوص في التفاصيل الكاملة لقصة أحمد إيراج، من أصوله وحتى قرار سحب الجنسية، مستعرضين حياته، ومسيرته الفنية، والجدل المثار حوله، والتداعيات المحتملة لما حدث.

 أصل الفنان أحمد إيراج… رحلة هوية معقدة

ولد أحمد إيراج في الرابع من شهر أيلول/ سبتمبر 1979 بمدينة الفحيحيل، جنوب الكويت، لأسرة من أصول إيرانية. وُصف في أوراقه الرسمية لسنوات طويلة على أنه من فئة البدون، أي بدون جنسية، وهي الفئة التي عاشت في الكويت لعقود، دون أن تُمنح جنسية، رغم تواجدها في البلاد قبل الاستقلال.

ينحدر أحمد من أب إيراني، لكن جدته لأبيه كانت كويتية الجنسية، وهو ما أتاح لوالده التقدم بطلب للحصول على الجنسية بالتبعية عام 2007، وتمت الموافقة عليه حينها. وبهذا، أصبحت عائلة إيراج تدخل تدريجيًا إلى السجل المدني الكويتي، وفق القوانين المعمول بها في حينه.

وفي عام 2011، وبعد أربع سنوات من تجنيس والده، حصل أحمد إيراج نفسه على الجنسية الكويتية، بموجب كونه من أبناء الكويتيات (عن طريق الجدة). هذا البند في قانون الجنسية الكويتي يُستخدم في حالات خاصة، ويُعتبر آلية قانونية معترف بها، لكنها لا تُمنح عادةً بناءً على إنجازات وطنية أو خدمات جليلة، بل على أساس روابط النسب.

 ماذا حدث في 2025؟ قرار مفاجئ بسحب الجنسية

في مايو 2025، صُدر مرسوم أميري يتضمن سحب الجنسية من 20 شخصًا، من ضمنهم الفنان أحمد إيراج. هذا القرار جاء في سياق حملة تدقيق شاملة لملفات المجنسين خلال العقود السابقة، أطلقتها الحكومة الكويتية بهدف ضمان نزاهة ملف الجنسية، ومعالجة ما تعتبره “اختلالات قانونية” ناتجة عن سوء استخدام بعض البنود.

القرار شمل أيضًا:

  • سكرتير سابق لنائب بمحافظة الجهراء.
  • أفراد حصلوا على الجنسية عبر التبعية دون استحقاق مباشر.

ومع أن الجهات الرسمية لم تصدر بيانًا تفصيليًا بالأسماء أو المبررات، فإن التسريبات أكدت أن ملف إيراج خضع للمراجعة ضمن شريحة “أبناء الكويتيات”، وخلصت اللجنة المختصة إلى أن استحقاقه للجنسية لا يتوافق تمامًا مع الشروط الحالية، خاصة بعد التعديلات الجديدة في معايير التجنيس.

 من هو أحمد إيراج فنيًا؟ مسيرة لم تنتهِ بعد

رغم الخلاف القانوني، لا خلاف على أن أحمد إيراج كان واحدًا من أكثر الفنانين حضورًا في الساحة الخليجية خلال العقدين الماضيين. بدأ مشواره في سن مبكرة جدًا، وكانت بدايته على خشبة المسرح عام 1995، ثم دخل التلفزيون في عام 1996 بمسلسل “عودة السندباد”.

لكن النقلة النوعية جاءت مع مشاركته في مسلسل “جرح الزمن” للكاتبة فجر السعيد عام 1998، والذي فتح له أبواب النجومية، وجعله وجهًا مألوفًا للجمهور الكويتي والخليجي.

 أبرز أعماله الدرامية:

  • جرح الزمن
  • ثمن عمري
  • الدنيا لحظة
  • سدرة البيت
  • عذراء

من شارع الهرم إلى…

  • بيت الذل
  • حضن الشوك

 في السينما والمسرح:

  • شباب كول
  • سرب الحمام
  • حيال بوطير (مسرحية)
  • شبح الأوبرا
  • التابعة

عُرف إيراج بقدرته على تجسيد الأدوار الإنسانية المركبة، وكان دومًا يميل إلى الشخصيات التي تحاكي الواقع، وتعكس قضايا المجتمع.

 الحياة العائلية: زواجه من زينة كرم

في 28 سبتمبر/ أيلول 2011، أي بعد يوم واحد فقط من حصوله على الجنسية، أعلن أحمد إيراج زواجه من الإعلامية والممثلة الكويتية زينة كرم. وقد شكل هذا الزواج ثنائيًا فنيًا شهيرًا، ولاقى احتفاءً كبيرًا من الجمهور. ورُزق الزوجان بطفلين هما: سليمان ودلال.

ورغم انسحاب زينة تدريجيًا من الوسط الفني بعد الزواج، ظلت حاضرة إلى جانب زوجها في كثير من المحافل الاجتماعية والثقافية.

 قانون الجنسية في الكويت: فئة “أبناء الكويتيات”

وفقًا للقانون الكويتي، فإن:

  • أبناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين يمكن منحهم الجنسية وفق مرسوم خاص.
  • هذا التجنيس لا يُعد تلقائيًا، ويخضع للتقدير من قبل وزارة الداخلية ومجلس الوزراء.
  • يتم تقييم مدى اندماج الفرد في المجتمع، سجله الجنائي، التزامه بالقانون، ومدى استفادة البلاد منه.

في حالة أحمد إيراج، تم تطبيق هذه الآلية القانونية بالفعل، لكن التعديلات الجديدة تُمكّن السلطات من مراجعة هذه الحالات بأثر رجعي، وسحب الجنسية إن ثبت أنها مُنحت دون تحقق شامل أو خطأ إداري.

 ردود الأفعال الشعبية: انقسام عاطفي وقانوني

المؤيدون للقرار:

  • يرون أن الجنسية الكويتية لا تُمنح على أساس الشهرة أو الفن.
  • يؤكدون على ضرورة تطبيق القانون على الجميع بلا استثناء.
  • يعتبرون أن ملف أبناء الكويتيات يجب أن يُضبط بشكل أكثر دقة.

المعارضون للقرار:

  • يصفون أحمد إيراج بأنه “ابن الكويت بالفعل”، حتى لو لم يكن كذلك بالأوراق.
  • يرون أن القرار قاسٍ على فنان خدم المجتمع فنًا وأخلاقًا.
  • يحذرون من أن الخطوة قد تؤدي إلى عزوف الفنانين عن تمثيل الكويت خارجيًا.

 تحليل أوسع: الجنسية والانتماء في ميزان السياسة

قضية أحمد إيراج ليست مجرد خلاف قانوني على مستند تجنيس، بل تعكس صراعًا بين القانون والهوية. فالرجل لم يكن غريبًا عن المجتمع الكويتي، بل جزءًا منه في وجدان الناس، وفي وجوههم اليومية على الشاشة.

وهذا يفتح باب النقاش حول:

  • هل تُقاس المواطنة فقط بالوثيقة؟
  • ما مصير من وُلد في البلاد، وخدمها فنيًا أو ثقافيًا؟
  • كيف نوازن بين حفظ الهوية الوطنية، وعدم إقصاء من أصبحوا جزءًا من النسيج المجتمعي؟

ما مصير أحمد إيراج بعد القرار؟

حتى اللحظة، لم يصدر تعليق رسمي منه أو من أسرته. وهناك 3 سيناريوهات محتملة:

  • الطعن في القرار عبر القضاء الإداري، وهي آلية متاحة.
  • التظلم أمام لجنة إسقاط الجنسية التي تستقبل طلبات الاعتراض.
  • الاستقرار على جنسية بديلة إن لم يُقبل الطعن.
  • لكن من الناحية المهنية، فإن قرار سحب الجنسية قد يؤثر على تعاقداته الفنية، وظهوره الإعلامي، وحقوقه كمواطن.

 الختام: أحمد إيراج… ما بين فنان ومواطن وإنسان
سواء اتفقت مع القرار أو خالفته، لا يمكنك أن تُنكر أن أحمد إيراج كان حاضرًا في ذاكرة الفن الكويتي لعقود. ربما فقد الجنسية، لكنه لم يفقد جمهوره، ولا ما قدمه. ويبقى السؤال: هل نُقيّم الناس فقط بوثائقهم؟ أم بتاريخهم؟ أم بمزيج معقد من الاثنين؟

إنها قضية أكبر من اسم واحد. إنها قصة وطن وهوية وفن وإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى