من هو الشيخ حمادة العامودي ويكيبيديا؟ تفاصيل استشهاده وإصابة زوجته

قصة استشهاد الشيخ حمادة العامودي.. القصة الكاملة

في فلسطين، ليس الموت مجرد نهاية، بل هو شاهد جديد على الظلم، وتوثيق دامٍ للوجع الذي لا ينتهي. وفي صباح دامٍ من أيام مايو 2025، سقط الإمام والخطيب الشيخ حمادة العامودي شهيدًا في استهداف جوي مباشر، ليلتحق بركب الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً لدينهم ووطنهم، بينما أصيبت زوجته بإصابات بالغة، تاركة خلفها قصة من الألم والحب والصبر.

النبأ لم يكن عاديًا، فقد دوّى كالرعد في سماء خانيونس، حين أُعلن عن استشهاد “أبو عبدالسلام العامودي”، ذلك الرجل الذي لم يحمل سلاحًا سوى الكلمة، ولم يعتلِ منبرًا إلا لينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف، ويسقي العقول من معين الهداية والنور. رجلٌ كان صوته في المسجد يعلو بدعاء الرحمة، قبل أن يُطفئه صاروخٌ غادر من مروحية أباتشي.

الشيخ حمادة العامودي لم يكن رقمًا جديدًا يُضاف إلى قائمة الشهداء، بل كان روحًا تفيض بالحكمة والإيمان، وصوتًا ملهِمًا يوقظ الضمائر في زمن الصمت. وها هو اليوم يرحل جسدًا، لكنه يبقى في قلوب من عرفوه، وتبقى كلماته شاهدة على رسالته التي لم تكتمل.

زوجته، السيدة “أم سمير”، لم تسلم من شظايا العدوان، فقد أصيبت بجروح خطيرة وهي في بيتها، المدرسة والمعلمة والمربية، التي كانت تعد العدة ليوم دراسي جديد، فإذا بها تُحمل إلى المستشفى على سرير الطوارئ، بين الحياة والموت.

في هذا المقال، لا نحكي فقط عن استشهاد رجل، بل نكتب عن فصل جديد من فصول المأساة الفلسطينية، عن إمامٍ أحب الناس وأحبوه، عن زوجةٍ قاومت بصبرها، وعن بيتٍ دمّره القصف، لكن لم يدمر قيمه وأثره.

لحظة الاستهداف: طائرة أباتشي تغتال صوت المنبر

لم يكن فجر يوم الجمعة الموافق 24 مايو/ أيار 2025 يومًا عاديًا في حي البراق الجنوبي بمدينة خانيونس. ومع بداية أولى خيوط الضوء، دوّى انفجار قوي سمعه سكان الحي، قبل أن تتصاعد أعمدة الدخان من منزل الشيخ حمادة العامودي. كانت مروحية من نوع “أباتشي” تحوم فوق المكان، قبل أن تطلق قذيفتها نحو البيت الساكن.

في لحظة واحدة، تحول بيت الإمام إلى ركام، وساد الصمت إلا من أصوات الجيران يركضون لمحاولة إنقاذ من تبقى. وبعد دقائق من الفوضى، تأكد الخبر المفجع: استشهاد الشيخ حمادة العامودي على الفور، وإصابة زوجته بجروح حرجة.

الصدمة كانت هائلة، فالرجل لم يكن في جبهة قتال، بل في بيته، بين زوجته وأولاده. والرسالة التي حملتها تلك الضربة كانت قاسية: حتى العلماء، وحتى أئمة المساجد، لم يعودوا بمنأى عن الموت في فلسطين.

من هو الشيخ حمادة العامودي ويكيبيديا السيرة الذاتية؟ حياة في سبيل الله

ولد حمادة سمير العامودي في 4 ديسمبر/ كانون الأول 1984 بمدينة خان يونس، ونشأ في أسرة محافظة، تهتم بالدين والتعليم، واعتادت على التردد على حلقات العلم. منذ صغره، جذبته أصوات المشايخ، وتعلّق قلبه بالمسجد، حتى أصبح المسجد جزءًا لا يتجزأ من يومه.

تخرج الشيخ حمادة من جامعة الأقصى، حيث درس الشريعة، وتعمق في علوم القرآن والحديث. وبعد تخرجه، التحق بـ وزارة الأوقاف، ليبدأ مشواره كإمام وخطيب في عدد من مساجد خانيونس. سرعان ما ذاع صيته، لما عُرف عنه من أسلوب خطابي مؤثر، يمزج بين النصوص الدينية والواقع المعيشي للمواطن الفلسطيني.

وكان يلقب بـ “أبو عبدالسلام”، نسبةً إلى ابنه البكر، لكنه كان يُعرف أكثر بأنه صاحب الكلمة التي تلامس القلوب. خطبه كانت تجمع بين الإيمان، والوطنية، والوعي، ولا تخلو من الدعاء لأهل غزة، والتذكير بثبات المجاهدين.

شيخ الكلمة الطيبة: دوره في الدعوة والعمل المجتمعي

لم يكن الشيخ حمادة العامودي مجرد موظف في وزارة الأوقاف، بل كان نموذجًا للداعية الذي يلامس حياة الناس. لم يكتف بالمنبر، بل كان حاضرًا في كل مناسبة اجتماعية: في عقود الزواج، في الإصلاح بين العائلات، في العزاء، وحتى في النكبات.

شارك في إصلاح ذات البين، وتدخل في حل النزاعات الأسرية، وكان مرجعًا يُلجأ إليه عند الأزمات. وكان دائمًا يُقدِّم النصيحة بصدر رحب، ولغة هادئة، وقلب ممتلئ بالرحمة.

وكان الشيخ أيضًا من المدافعين عن صيانة المساجد، يشارك بنفسه في حملات تنظيفها، وإعادة ترميمها، مؤمنًا بأن المسجد هو قلب الحي، ومصدر النور لكل الأجيال.

أم سمير.. المعلمة التي ناضلت بالكلمة والقلم

زوجته، السيدة “أم سمير”، لم تكن بعيدة عن روح الدعوة والتضحية. فهي معلمة في مدرسة عبسان الجديدة بنات، معروفة بحبها لتعليم الفتيات، وغرس القيم في نفوس الطالبات. لم تكن مجرد معلمة تقف أمام السبورة، بل كانت أمًا ثانية لطالباتها، وناصحة أمينة.

إصابتها يوم استشهاد زوجها أوجعت المجتمع مرتين: مرة على الشيخ، ومرة على زوجته التي كانت تستعد ليوم دراسي جديد. وقد تم نقلها إلى المستشفى في حالة حرجة، وسط دعوات الناس بأن تنجو، وتعود لأبنائها ومدرستها.

لماذا تم استهدافه؟ غموض السياسة وظلم الاحتلال

حتى لحظة كتابة هذه السطور، لم تصدر جهة رسمية إسرائيلية بيانًا يوضح سبب استهداف منزل الشيخ حمادة العامودي. لكنّ المراقبين يؤكدون أن سياسة الاحتلال باتت تشمل استهداف الرموز الدينية والاجتماعية في غزة، ضمن استراتيجية تهدف إلى كسر الروح المعنوية للمجتمع الفلسطيني.

ولأن الشيخ لم يكن يحمل سلاحًا، بل يحمل رسالة، فإن اغتياله لا يمكن تفسيره إلا بأنه محاولة لإسكات الصوت المعارض، أو منع وصول خطاب الوعي إلى الناس، خاصة أن الأئمة في غزة لا يفصلون بين الدين والوطن.

ردود فعل رسمية وشعبية واسعة

انتشر نبأ استشهاد الشيخ كالنار في الهشيم، وتصدّر محركات البحث، ووسائل الإعلام الفلسطينية والعربية. وأصدرت وزارة الأوقاف بيانًا تنعى فيه الشيخ، وتعتبره “شهيد المنبر والكلمة”، فيما خرجت دعوات لتنظيم وقفات احتجاجية ضد استهداف رجال الدين.

أما في وسائل التواصل، فقد عجّت المنصات بالصور القديمة للشيخ، ومقتطفات من خطبه، وتسجيلات لدروسه، وعبارات الدعاء له بالرحمة ولزوجته بالشفاء. وانتشر وسم #الشيخ_العامودي على نطاق واسع.

جنازته.. مشهد وداع مؤثر

رغم الوضع الأمني الحرج، خرجت جنازة الشيخ حمادة العامودي في خانيونس، وشارك فيها المئات من أبناء المدينة، رجالًا ونساءً، شبابًا وشيوخًا. وعلت التكبيرات، وهتافات “لا إله إلا الله، الشهيد حبيب الله”، و”إلى الجنة يا أبا عبدالسلام”.

وقد تم لفّ جثمانه بعلم فلسطين، ودفنه في مقبرة الشهداء، إلى جوار عدد من العلماء والمجاهدين الذين سقطوا في سنوات سابقة.

ما الذي تركه وراءه؟

ترك الشيخ حمادة العامودي خلفه إرثًا عظيمًا:

  • عائلة محبة لا تزال تنتظر شفاء الأم.
  • طلاب علم حفظوا دروسه وخطبه.
  • مسجدًا ظل مأهولًا بحلقات الذكر.
  • أثرًا طيبًا في كل من عرفه أو استمع لصوته.

لكن الأهم، أنه ترك رسالة لا تُنسى: أن الكلمة الحرة أغلى من الروح، وأن صاحب المبدأ قد يُستهدف جسديًا، لكن فكره يبقى حيًا.

نهاية رجل آمن بالحياة في ظل الكرامة

لم يكن الشيخ حمادة العامودي رجل حرب، بل كان رجل سلام، لكن سلامه لم يُرضِ آلة الحرب. وها هو اليوم يُكتب في سجل الشهداء، وتُروى قصته كواحدة من أجمل وأصدق ما يمكن أن يُقال عن رجل عاش لدينه ووطنه وأهله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى