فاتح شهر ذو الحجة 2025 في المغرب | أول أيام ذو الحجة 1446هـ

مع نهاية شهر ذي القعدة، تبدأ عيون المغاربة بالتحول نحو الأفق، مترقبة قدوم هلال شهر جديد، ليس كغيره من الشهور، بل هو شهر التوبة والفرح والتكبير، هو ذي الحجة الذي تُفتح فيه أبواب السماء، وتُسكب فيه بركات لا تُعد، ويُكرم الله فيه عباده بمواسم من الرحمة والمغفرة.

هذا الموعد السنوي الروحاني لا يمر مرور الكرام في المغرب، بل يشكل جزءًا راسخًا من وجدان المجتمع، حيث تستعد البيوت والمساجد والأسواق، وتُلهب مشاعر الناس توقًا لصيام يوم عرفة، وصلاة العيد، وذبح الأضاحي، وتبادل الزيارات العائلية في أجواء يغلب عليها الإيمان والتراحم.

فالناس هنا لا يتابعون فقط النشرات الفلكية، بل ينتظرون الإعلان الرسمي من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حول رؤية الهلال، في تقليد ديني راسخ يجمع بين التراث والشرع. ومع اعتماد المغرب على الرؤية البصرية، فإن مشهد إعلان بداية ذي الحجة يحمل نكهة خاصة، حيث تتناقلها الوسائل الإعلامية، وتبدأ الاستعدادات الكبرى من لحظتها الأولى.

لكن ما الموعد الفعلي لفاتح شهر ذي الحجة 1446؟ وما هي خصوصية هذه الأيام في المغرب؟ وكيف يستعد المغاربة روحانيًا واجتماعيًا لاستقبال هذا الموسم؟ سنأخذك في هذا المقال في رحلة شاملة داخل هذا الحدث العظيم، من الحسابات الفلكية إلى عادات الناس، ومن عبق الروح إلى بهجة العيد.

موعد فاتح ذي الحجة 1446/2025 في المغرب

تشير الحسابات الفلكية الدقيقة إلى أن يوم الأربعاء 28 مايو/ أيار 2025 سيكون هو فاتح شهر ذي الحجة في المغرب، إذا ثبتت الرؤية الشرعية للهلال مساء الثلاثاء 27 مايو. فبحسب البيانات الفلكية، يُولد الهلال صباح الثلاثاء في تمام الساعة الخامسة وثلاث دقائق فجرًا بتوقيت القاهرة (الرابعة وثلاث دقائق بتوقيت المغرب)، ما يجعله ممكن الرؤية عند غروب الشمس في عدة مناطق مغربية.

إلا أن المغرب يلتزم بالرؤية الشرعية البصرية، حيث تُرسل وزارة الأوقاف لجانًا علمية إلى مختلف أنحاء البلاد لمراقبة الهلال مساء يوم 29 من ذي القعدة، ولا يُعلن بداية الشهر إلا بعد التأكد من تحقق الرؤية.

وتُعد هذه المنهجية امتدادًا للمذهب المالكي الذي يُعلي من شأن الرؤية المحلية، ما يجعل المغرب في بعض السنوات يختلف في تحديد بداية ذي الحجة عن بعض الدول الإسلامية الأخرى، خاصة المملكة العربية السعودية.

الرؤية الشرعية في المغرب: بين الفلك والفقه

رغم أن التكنولوجيا الفلكية تطورت وأصبحت قادرة على تحديد ولادة الهلال بدقة بالغة، فإن الرؤية البصرية للهلال لا تزال في المغرب هي المرجعية الشرعية الأولى لاعتماد دخول الأشهر الهجرية. هذه الرؤية تتم من خلال لجان علمية منتشرة في أكثر من 270 نقطة مراقبة في مختلف أقاليم المملكة.

تقوم هذه اللجان، بتكليف من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، برفع تقارير آنية حول نتائج المراقبة، ويتم الإعلان عن بداية الشهر الجديد من خلال بيان رسمي يُذاع في نشرة الأخبار المسائية.

يُنظر إلى هذا النظام كمثال فريد على الالتزام الديني والعلمي في آنٍ واحد، حيث يُجمع بين الاحترام للتراث الفقهي والاعتماد على التنبؤات الفلكية لتنظيم الرؤية بدقة.

لماذا ذي الحجة هو أعظم الشهور الهجرية؟

شهر ذو الحجة هو الشهر الثاني عشر في التقويم الهجري، ويُعد من الأشهر الحُرُم التي عظّم الله شأنها في كتابه الكريم. لكن ما يميزه أكثر أنه يحتضن مناسبتين من أعظم مناسبات الإسلام:

  • الحج: الركن الخامس من أركان الإسلام، والذي لا يُؤدى إلا في هذا الشهر، وتحديدًا من اليوم الثامن وحتى العاشر.
  • عيد الأضحى: يوم النحر، أحد أعظم أعياد المسلمين، وفيه تُذبح الأضاحي وتُوزع على الفقراء.
  • كما يضم الشهر أيام العشر الأوائل، التي وردت في فضلها نصوص كثيرة، منها حديث النبي ﷺ: “ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر.”

العشر الأوائل: كنز من الحسنات

العشر الأوائل من ذي الحجة هي أيام تُضاعف فيها الأعمال الصالحة، وتُفتح فيها أبواب التوبة، وتُشحن فيها الأرواح بالإيمان. وقد استحب العلماء فيها عدة عبادات:

  • الصيام: خصوصًا يوم عرفة، الذي يكفّر ذنوب سنتين.
  • القيام وقراءة القرآن.
  • الصدقات وبرّ الوالدين وصلة الرحم.
  • كثرة الذكر والتكبير والتحميد.
  • النية الصادقة في الاستعداد للأضحية.

وفي المغرب، يحرص الناس على إحياء هذه الأيام المباركة بكافة صور الخير، كما تُقام دروس خاصة في المساجد حول فضل العشر ومقاصدها.

وقفة عرفة وعيد الأضحى في المغرب 2025

إذا ثبت أن الأربعاء 28 مايو 2025 هو فاتح ذي الحجة، فإن التواريخ التالية تكون على الشكل التالي:

  • يوم عرفة: الخميس 5 يونيو / حزيران 2025
  • عيد الأضحى: الجمعة 6 يونيو / حزيران 2025

ويُطلق المغاربة على عيد الأضحى اسم “العيد الكبير”، نظرًا لأهميته ومكانته في الوجدان الشعبي والديني. وهو يوم تجتمع فيه العائلات، وتُذبح الأضاحي بعد صلاة العيد، وتُوزع اللحوم على الجيران والمحتاجين.

العيد الكبير في المغرب: طقوس وعادات

في المغرب، يُعد عيد الأضحى من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية. تبدأ التحضيرات له من وقت مبكر، وتشمل:

  • اختيار الأضحية من الأسواق الأسبوعية (السويقات).
  • تنظيف البيوت وتزيينها.
  • شراء الملابس الجديدة للأطفال.
  • تجهيز التوابل واللوازم الخاصة بالشواء.

وفي يوم العيد، تُقام صلاة العيد في الساحات الكبرى، ثم تُذبح الأضاحي وسط أجواء من التكافل والفرح. وبعد ذلك، تبدأ وليمة العيد التي تتوزع على ثلاثة أيام، ويتخللها “تشواط” و”الكرعين” و”البوزلوف”، وهي أكلات مغربية تقليدية مرتبطة بهذه المناسبة.

ذي الحجة في القرى والبوادي: فرح بطعم الأصالة

في المناطق الجبلية والريفية، تكتسي أيام ذي الحجة طابعًا فريدًا. فهي ليست فقط مناسبة دينية، بل أيضًا موسمًا اجتماعيًا تعود فيه الأسر المهاجرة إلى مسقط رأسها، وتُقام اللقاءات العائلية، وتُستعاد العادات القديمة.

كما تُعد الأسواق الأسبوعية في هذه الفترة ساحة حيوية لاقتناء الأضاحي والتوابل والأدوات التقليدية. وتُقام مناسبات الزواج أو الخطوبة أحيانًا في هذه الفترة لما تحمله من بركة.

أهمية الحسابات الفلكية رغم الاعتماد على الرؤية

رغم تمسك المغرب بالرؤية البصرية، فإن الحسابات الفلكية تُعد أداة أساسية اليوم لتحديد مواقيت الرؤية المحتملة، مما يُسهم في:

  • تجهيز اللجان الفلكية في الوقت والمكان المناسب.
  • تنسيق الجهود مع الدول الإسلامية الأخرى.
  • تسهيل الترتيبات الإدارية والتنظيمية.
  • وقد أصبح للفلكيين دور كبير في إعلام الجمهور بمواعيد الأهلّة، بما يعزز من الوعي الديني والفلكي معًا.

دعوة للاستعداد: موسم ذهبي لا يُفوّت

ذي الحجة ليس فقط شهرًا ننتظره لنأخذ عطلة أو نذبح أضحية، بل هو موسم من الذهب الإيماني. في هذه الأيام تتغير الحياة:

  • ترتقي القلوب.
  • تتهذب النفوس.
  • تقترب الأرواح من خالقها.
  • فلنُحسن الاستعداد لهذا الشهر العظيم، بالصيام والنية والعمل الصالح، ولنجعل من عيد الأضحى لحظة نقية من الصفاء والمشاركة.

خاتمة
فاتح شهر ذو الحجة 1446 في المغرب يوافق الأربعاء 28 مايو 2025، بحسب التوقعات الفلكية، وهو بداية موسم روحي فريد يستحق منّا كل التقدير والاستعداد. فمن عشر ذي الحجة إلى يوم عرفة، ومن صلاة العيد إلى الأضحية، تتجدد الروح المغربية في أبهى صورها الدينية والاجتماعية.

فلنغتنم هذه الأيام، ولنتقرب إلى الله بقلوب مطمئنة، ولنزرع الفرح في بيوتنا وبيوت من حولنا. فهنيئًا لمن نوى وعمل، وهنيئًا لمن أدرك هذا الموسم واغتنمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى