تاريخ غرة شهر ذي الحجة 1446 / 2025 في الدول العربية والإسلامية

مع اقتراب أشهر الحج، تتجه أنظار المسلمين حول العالم إلى السماء، بحثًا عن الهلال الجديد الذي يعلن بداية شهر ذي الحجة، أحد أعظم شهور العام الهجري، وأحد الأشهر الحرم. ففي هذا الشهر تتجلى طقوس التعبد والطاعات في أجمل صورها، حيث يقف الحجيج على جبل عرفات، ويتقرب المسلمون بالأضاحي، ويُحتفل بعيد الأضحى المبارك. فمتى تكون غرة ذو الحجة لعام 1446 هـ؟ ومتى يوم عرفة؟ ومتى يُعلن أول أيام العيد؟ هذه الأسئلة تتكرر في كل بيت مسلم، ونحن هنا لنكشف الستار عنها جميعًا.

تاريخ غرة شهر ذي الحجة 1446 / 2025: ولادة الهلال لحظة فاصلة

تُولد الأهِلَّة حين يحدث الاقتران بين الشمس والقمر، وهذه اللحظة الفلكية تمثل لحظة البداية لكل شهر هجري. وبحسب الحسابات الفلكية الدقيقة، يولد هلال شهر ذو الحجة لهذا العام 1446 هـ في توقيت محدد تمامًا، وهو الساعة الخامسة وثلاث دقائق صباحًا بتوقيت القاهرة، يوم الثلاثاء 27 مايو/ أيار 2025 ميلاديًا، الموافق 29 من شهر ذو القعدة.

هذه اللحظة الفريدة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة وقت حدوثها، لكنها تُعتمد كمعيار علمي لتحديد إمكان رصد الهلال بعد غروب الشمس. وهنا تبدأ مهمة المراصد الإسلامية في الترائي والتحقق من ظهور الهلال في السماء الغربية.

 بعد الغروب.. أين يظهر الهلال؟

رؤية الهلال بعد غروب الشمس هي المعيار الشرعي لاعتماد بداية الشهر الهجري، وتؤكد البيانات الفلكية أن الهلال الجديد سيبقى في الأفق بعد غروب شمس يوم الرؤية لمدة متفاوتة حسب الموقع الجغرافي. ففي مكة المكرمة، يظهر الهلال لمدة 38 دقيقة بعد الغروب، وهي مدة كافية لترائيه باستخدام التلسكوبات أو بالعين المجردة في حال صفاء الجو.

أما في القاهرة، فمدة بقاء الهلال تصل إلى 47 دقيقة، وفي بقية محافظات مصر تتراوح بين 40 و49 دقيقة. أما في الدول العربية والإسلامية، فتتفاوت المدة بين 9 دقائق إلى 59 دقيقة، ما يعزز احتمالية إعلان غرة الشهر في معظم الدول الإسلامية في اليوم التالي، أي يوم الأربعاء 28 مايو 2025.

 بداية ذو الحجة 1446: تحديد اليوم الأول

بناءً على كل هذه المعطيات، فإن أول أيام شهر ذو الحجة سيكون الأربعاء 28 مايو/ أيار 2025. وبهذا، فإن وقفة عرفات ستحل يوم الخميس 5 يونيو، ويليه أول أيام عيد الأضحى المبارك يوم الجمعة 6 يونيو 2025.

هذا التسلسل الزمني يمنح المسلمين فرصة للاستعداد النفسي والروحي لأداء أعظم العبادات، سواء من كانوا على مشارف مكة للحج، أو في منازلهم يؤدون الأضاحي ويكثرون من الذكر والدعاء والصيام.

 أهمية شهر ذو الحجة في الإسلام

يُعد شهر ذو الحجة من أفضل شهور العام الهجري على الإطلاق، ويحتوي على أعظم أيام الدنيا، وهي الأيام العشر الأولى منه. في هذه الأيام، يتسابق المسلمون في الطاعات، ويحرصون على الصيام، والذكر، وقراءة القرآن، والصدقة، والتقرب إلى الله بكل الأعمال الصالحة.

وتبلغ هذه الأيام ذروتها في يوم عرفة، حين يقف الحجاج على جبل عرفات، في مشهد مهيب يمثل ذروة مناسك الحج، ويصوم فيه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، رجاءً في نيل مغفرة الذنوب.

ويعقب هذا اليوم المبارك عيد الأضحى، الذي يُحتفل به لمدة أربعة أيام، تتخللها الأضاحي، وصلاة العيد، وصلة الأرحام، والبهجة التي تعم الأجواء الإسلامية في كل مكان.

 هل تختلف غرة ذو الحجة بين الدول؟

رغم التقدم الفلكي، إلا أن بعض الدول لا تزال تعتمد الرؤية البصرية المجردة للهلال، وهو ما قد يؤدي إلى اختلاف في بدء الشهر الهجري من دولة لأخرى. فبعض الدول تعتمد الرؤية المحلية، مثل المغرب وعمان، بينما تتبنى السعودية وعدد من الدول رؤية الهلال بالعين المجردة أو باستخدام أجهزة الرصد.

هذا الاختلاف ليس جديدًا، بل هو امتداد لاختلاف المدارس الفقهية والتقاليد الشرعية المعتمدة لدى كل دولة، مما يجعل تواريخ بداية ذو الحجة وعيد الأضحى قد تختلف يومًا أو اثنين بين الدول.

 كيف تستعد الدول لشهر ذو الحجة؟

بمجرد الإعلان عن غرة ذو الحجة، تبدأ الاستعدادات على مستوى الحكومات والمجتمعات. في السعودية، تشرع السلطات في تنظيم شعائر الحج وخدمة الحجاج. وفي الدول الأخرى، تبدأ الحملات التوعوية، والدروس الدينية في المساجد، والدعوات للتبرع بالأضاحي، وتبدأ التجهيزات لاستقبال العيد.

الأسواق تنشط، والملابس الجديدة تُشترى، والمجتمعات تستعد لاستقبال واحدة من أجمل مناسبات العام، في جو من الألفة والمحبة والروحانية.

 أهمية الفلك في تحديد الأهِلَّة

رغم أن الرؤية الشرعية لا تزال شرطًا لاعتماد بداية الشهور الهجرية، إلا أن علم الفلك يلعب دورًا محوريًا في تحديد لحظة الاقتران وبقاء الهلال في الأفق، ما يسهل مهمة الترصُّد. وهذا لا يُعد مخالفًا للشرع، بل هو استئناس علمي يساعد الجهات المختصة على اتخاذ القرار الصحيح.

فالعلم الحديث أضحى اليوم أداة في خدمة الشعائر، وليس نقيضًا لها. ومن هنا، تبرز أهمية الجمع بين الرؤية البصرية والحسابات الفلكية لتحقيق الدقة والوحدة في المناسبات الإسلامية.

 التقويم الهجري: بين الماضي والحاضر

بدأ التقويم الهجري في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، واتُخذت هجرة النبي محمد ﷺ نقطة بداية له. وهو تقويم قمري بحت، يعتمد على حركة القمر، ويتألف من 12 شهرًا. ويستخدم في تحديد مواعيد الصيام، والحج، والعيدين، والزكاة، وغيرها من الأحكام الشرعية.

ومع تطور الزمن، أصبح هذا التقويم رمزًا لهوية الأمة الإسلامية، ومن خلاله تُبنى الأوقات المقدسة وتُرتب الشعائر، ما يجعل حسابه ورصده أمرًا بالغ الأهمية.

 خاتمة: العد التنازلي يبدأ
مع اقتراب نهاية شهر ذو القعدة، يدخل المسلمون في حالة روحانية مميزة، ترقبًا لقدوم أفضل أيام العام. غرة شهر ذو الحجة لا تُعد مجرد حدث فلكي، بل هي بوابة لفيض من الرحمة والمغفرة والبركات. إنها الفرصة السنوية لتجديد الإيمان، والتقرب إلى الله، واستحضار معاني التضحية والطاعة التي تجسدها شعائر الحج والأضحية.

فلنستعد لهذا الشهر العظيم بقلوب خاشعة، ونفوس صادقة، ولنحيي فيه السنن، ونجعل من أيامه محطة للارتقاء الإيماني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى