سبب وفاة اللواء السنوسي الوزري: السيرة، الغموض، وردود الفعل الشعبية

في خضم الأحداث المتسارعة التي تعيشها ليبيا، طفت على السطح مرة أخرى أسماء كثيرة ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بحقبة حكم العقيد معمر القذافي، لكن اسم اللواء السنوسي الوزري كان له وقع خاص.

هذا الرجل الذي ظل لسنوات في صميم منظومة الأمن الليبية، عاد للواجهة بعد الإعلان عن وفاته في مايو 2025، في القاهرة، مصر، ليطرح الكثيرون سؤالًا واحدًا: ما سبب وفاة اللواء السنوسي الوزري؟

السنوسي الوزري لم يكن مجرد رجل أمن عادي. كان ركيزة أساسية في نظام الجماهيرية، ومن المقربين جدًا لدائرة السلطة، مما جعله جزءًا من آلة صنع القرار الأمني في البلاد. إلا أن سقوط النظام في 2011 غيّر معالم حياة الكثيرين، من ضمنهم الوزري، الذي اتجه إلى المنفى وتوارت أخباره لفترة طويلة.

لكن حين غاب جسده، عادت سيرته إلى الواجهة. فجأة، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بتغريدات النعي، وصور تذكارية، واسترجاعات لأدواره الحساسة في النظام السابق. ومع هذا الاهتمام الشعبي، بقي سبب الوفاة غامضًا. لم تُصدر أي جهة رسمية بيانًا يوضح ما حدث في أيامه الأخيرة، مما زاد من الشكوك والأسئلة.

فما الذي نعرفه فعليًا عن اللواء السنوسي الوزري؟ ما طبيعة المناصب التي تقلدها؟ وكيف تأثر الليبيون برحيله؟ وهل وفاته كانت طبيعية أم تحيط بها الملابسات؟ في هذا المقال نغوص في عمق هذه الشخصية، لنقدم لك سردًا متكاملًا عن حياته، ووفاته، وأصداء رحيله.

من هو اللواء السنوسي الوزري؟ شخصية مثيرة للجدل في قلب الجماهيرية

اللواء السنوسي سليمان الوزري العقوري، من مواليد عام 1948، يُعد من أبرز رجال الأمن في عهد معمر القذافي. ينتمي إلى قبيلة العواقير، وهي إحدى أبرز القبائل الليبية، ما أعطاه قاعدة اجتماعية قوية داخل مؤسسات الدولة.

تخرّج من كلية الشرطة، ثم بدأ مسيرته الأمنية في وقت مبكر، ليتدرج في المناصب حتى وصل إلى ذروة السلطة حين تولى منصب أمين اللجنة الشعبية العامة للأمن العام، وهو المنصب الذي يمكن وصفه بما يعادل وزير الداخلية. كذلك شغل منصب نائب رئيس جهاز الأمن الداخلي، وهي من أخطر وأكثر الأجهزة حساسية في النظام السابق.

عرف عنه الحزم والانضباط، وكان يُنظر إليه باعتباره من رموز “القبضة الأمنية” التي اعتمد عليها القذافي في تثبيت دعائم حكمه. شارك في عدة فعاليات دولية تمس الأمن الإقليمي، أبرزها مؤتمر مكافحة الإرهاب بتونس، حيث مثّل ليبيا في مرحلة كانت فيها البلاد تُقدم نفسها كقوة إقليمية في ملف الأمن ومحاربة التطرف.

 الوزري بعد 2011: سقوط النظام… وبداية المنفى

مع سقوط نظام القذافي في عام 2011 إثر ثورة 17 فبراير، تفككت مؤسسات الدولة القديمة، وبدأت مرحلة جديدة من الفوضى والاقتتال، بينما تعرض رجالات النظام السابق للملاحقة أو الملاحظة الشعبية والدولية. كثير من رموز السلطة السابقين إما اعتُقلوا أو غادروا البلاد. كان السنوسي الوزري من بين الذين فضلوا المنفى، متجهًا إلى جمهورية مصر العربية حيث أقام هناك حتى وفاته في مايو 2025.

ابتعد عن الأضواء طوال هذه السنوات، ولم يظهر له نشاط سياسي علني أو إعلامي ملحوظ. ربما كان ذلك جزءًا من استراتيجيته الشخصية لتجنب المحاكمات أو الانتقام السياسي، أو ربما كان يحاول إعادة تقييم موقعه في التاريخ الليبي المعاصر بعيدًا عن الضوضاء.

 سبب وفاة اللواء السنوسي الوزري: الغموض سيد الموقف

في مايو 2025، أعلنت عدة حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها منصات إخبارية ليبية على منصة X (تويتر سابقًا)، خبر وفاة اللواء السنوسي الوزري في القاهرة، دون أي تفاصيل طبية أو رسمية عن سبب الوفاة.

حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم يصدر أي بيان من جهة ليبية رسمية أو عائلية يشرح ملابسات وفاته. هذا الصمت فتح بابًا واسعًا للتكهنات. البعض قال إنها وفاة طبيعية نتيجة تقدم السن، حيث كان يبلغ من العمر 77 عامًا. آخرون تساءلوا إن كانت هناك ظروف غامضة وراء وفاته، خاصة أن شخصيات من النظام السابق توفيت في ظروف مشابهة دون إعلان الأسباب.

أياً كان السبب، فإن عدم الوضوح ترك حالة من الغموض خيمت على النبأ، مما جعل اسمه يُتداول بكثافة على الإنترنت.

 تفاعل واسع على منصات التواصل: تغريدات ومنشورات في وداع الوزري

مع إعلان وفاته، تدفقت عبارات التعزية من أنصاره وأبناء قبيلته على فيسبوك وتويتر (إكس). بعض النماذج:

“مصر القاهره.. أمين اللجنة الشعبية العامة للأمن العام ونائب رئيس جهاز الأمن الداخلي اللواء السنوسي الوزري في ذمة الله. إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم اغفر له وارحمه. نعزي كل الليبيين وخاصة قبيلة العواقير.”

“بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، انتقل إلى رحمة الله تعالى اللواء السنوسي الوزري، الذي وافته المنية في المهجر بجمهورية مصر العربية.”

“تغمده الله بواسع رحمته وعظيم مغفرته ورضاه، وأكرم نزله ووسع مدخله، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.”

هذه التفاعلات تعكس حالة حزن واسعة في أوساط معينة من المجتمع الليبي، خاصة من أولئك الذين ينظرون إلى رجال النظام السابق كرموز للاستقرار الذي فقدته ليبيا بعد الثورة.

 السيرة الذاتية للواء السنوسي الوزري

  • الاسم الكامل السنوسي سليمان الوزري العقوري
  • تاريخ الميلاد 1948
  • مكان الميلاد ليبيا
  • التعليم تخرج من كلية الشرطة
  • المنصب الرئيسي أمين اللجنة الشعبية العامة للأمن العام
  • مناصب أخرى نائب رئيس جهاز الأمن الداخلي
  • الانتماء نظام الجماهيرية، قبيلة العواقير
  • مكان الوفاة القاهرة، مصر
  • تاريخ الوفاة مايو 2025
  • مشاركات بارزة مؤتمر مكافحة الإرهاب بتونس
  • الملاحظة العامة عاش في المنفى بعد سقوط النظام عام 2011

 الوزري في ذاكرة الليبيين: إرث مثير للجدل

لا شك أن إرث السنوسي الوزري سيظل محل نقاش حاد في ليبيا. فبين من يعتبره “رجل أمن وطني” حافظ على استقرار البلاد، ومن يراه رمزًا للسلطة القمعية التي ارتبطت بعهد القذافي، تتباين وجهات النظر بشكل حاد.

من جهة، لا يمكن إنكار أن وزارته للأمن العام شهدت استقرارًا أمنيًا نسبيًا، خاصة مقارنة بالفوضى الحالية التي تعيشها البلاد. ومن جهة أخرى، فإن ارتباطه بجهاز الأمن الداخلي يجعله مسؤولًا في نظر البعض عن الانتهاكات التي ارتكبتها الدولة في تلك الفترة.

 لماذا يهمنا الحديث عن السنوسي الوزري اليوم؟

الحديث عن السنوسي الوزري اليوم لا يعني الحنين للماضي، بل هو محاولة لفهم الحاضر. الشخصيات التي شكّلت ملامح الدولة الليبية في فترات سابقة لا تزال تؤثر في الواقع السياسي والاجتماعي، سواء من خلال إرثها أو من خلال حضور أبنائها وأتباعها في المشهد الجديد.

وفاته في المنفى تطرح أسئلة أكبر:

  • كيف تتعامل الدول مع رجالات الأنظمة السابقة؟
  • هل يمكن إعادة قراءة أدوارهم بعيدًا عن منطق “الولاء أو العداء”؟
  • هل يسهم استيعاب التجارب السابقة في بناء مستقبل سياسي أكثر نضجًا في ليبيا؟

 ختامًا: ماذا بعد رحيل الوزري؟
لقد طوى الموت صفحة من صفحات الأمن الليبي في عهد الجماهيرية، لكنه لم يُنهِ الجدل. فمع كل رحيل لأحد رموز ذلك العصر، تُفتح ملفات، وتُثار تساؤلات، وتُستعاد ذكريات. ربما كانت شخصية الوزري محاطة بالجدل، لكن من المؤكد أنها تركت أثرًا لا يُمكن تجاهله.

ليست وفاة السنوسي الوزري مجرد حدث عابر، بل هي تذكير مستمر بأن الماضي لا يموت بموت رجاله، بل يبقى حيًا في ذاكرة الشعوب… وفي أسئلتهم التي تنتظر إجابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى