خاصية جديدة من تيك توك لمساعدة المراهقين على النوم.. ماذا يحدث بعد العاشرة مساءً؟

منذ انطلاقه، أصبح تطبيق “تيك توك” جزءًا لا يتجزأ من حياة ملايين المستخدمين، خاصة من فئة المراهقين. وبينما منحهم فضاءً واسعًا للتعبير والإبداع، إلا أن المخاوف حول التأثيرات النفسية والسلوكية لهذا الاستخدام المتواصل كانت دائمًا حاضرة. ومن هنا، تتجدد الحاجة إلى أدوات ذكية تحفظ الصحة العقلية والنفسية لهؤلاء المستخدمين، في ظل ما يعرف بـ”الإفراط الرقمي”.
وفي عام 2025، يخطو “تيك توك” خطوة استباقية ذكية بإطلاق خاصية جديدة تهدف إلى تحسين جودة نوم المراهقين من خلال برامج استرخاء وتدريبات تأمل، مما يفتح الباب أمام نقاش واسع حول مدى التزام المنصات التقنية بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه مستخدميها.
خاصية التأمل والاسترخاء الجديدة: تكنولوجيا في خدمة النوم الصحي
ما الذي أعلنه “تيك توك” رسميًا؟
أعلنت شركة “تيك توك” عن إضافة خاصية مبتكرة إلى منصتها، تتيح للمستخدمين -وبشكل خاص المراهقين- تجربة مجموعة من تدريبات التأمل والاسترخاء عند استخدام التطبيق خلال الليل. ويهدف هذا التحديث إلى تشجيع المستخدمين على إغلاق التطبيق والخلود للنوم في أوقات مناسبة، مما يعزز من الصحة النفسية والجسدية.
وقد بدأت الشركة بالفعل اختبار الخاصية على مجموعة محدودة من المراهقين في وقت سابق من هذا العام، قبل أن تُطلقها على نطاق واسع لجميع مستخدمي التطبيق في مايو 2025.
كيف تعمل خاصية “ساعات النوم” على تيك توك؟
ميكانيكية التشغيل وآلية التنبيه
تستهدف هذه الخاصية المستخدمين دون 18 عامًا بشكل رئيسي، حيث تُفعَّل لديهم بشكل تلقائي. ويُظهر التطبيق تنبيهًا للمراهقين إذا تم استخدام التطبيق بعد الساعة 10:00 مساءً، ويتوقف تلقائيًا عن عرض الفيديوهات الجديدة، ويقدم بدلًا منها شاشة مريحة للأعصاب تحتوي على:
- موسيقى خفيفة وهادئة
- تدريبات للتنفس المنتظم
- رسائل صوتية أو مكتوبة تدعو للاسترخاء
- نصائح لنوم صحي
وفي حال قرر المستخدم المراهق تجاهل الرسالة ومواصلة تصفح الفيديوهات، تظهر له رسالة ثانية ملء الشاشة، تشدد على ضرورة النوم، وتحثه على غلق التطبيق.
التصميم التفاعلي: واجهة مريحة للأعصاب وتشجيع غير مباشر
لمَ تُعد هذه الخطوة ذكية؟
صممت خاصية التأمل على “تيك توك” بواجهة مريحة للأعصاب، تستبدل الألوان الزاهية والإشعارات المشتتة بـخلفية ناعمة وأصوات هادئة، مما يخلق بيئة مثالية تساعد العقل على الاستعداد للنوم.
هذه الاستراتيجية تعتمد على التأثير النفسي الإيجابي، لا على القسر أو التهديد، وبالتالي تكون فعّالة في إقناع المستخدم بالراحة، دون الشعور بأنه مُجبر على ترك التطبيق.
المستخدمون البالغون: هل يمكنهم استخدام الخاصية أيضًا؟
الإجابة: نعم، وبمرونة كاملة
ورغم أن الخاصية مُصممة بالأساس للمراهقين، إلا أن البالغين أيضًا يمكنهم تفعيلها يدويًا من خلال الدخول إلى صفحة إعدادات الشاشة > “ساعات النوم”، حيث يمكنهم تحديد الوقت المناسب لتفعيل الرسالة كل ليلة.
هذا الخيار يتيح للمستخدمين البالغين ضبط عادات نومهم الرقمية بشكل أكثر توازنًا، خاصة في ظل تأثير الأجهزة الذكية على دورة النوم الطبيعية.
تيك توك ومخاوف الإدمان الرقمي: رد ذكي على الانتقادات البرلمانية
هل تأتي الخاصية كاستجابة لضغط خارجي؟
خلال السنوات الماضية، واجه “تيك توك” انتقادات واسعة من الجهات التشريعية، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، بشأن تأثيره السلبي على المراهقين والصحة النفسية، إذ أشارت تقارير متعددة إلى أن الاستخدام المفرط للتطبيق يسبب:
- اضطرابات النوم
- القلق والاكتئاب
- انخفاض التركيز الدراسي
- التعلق القهري بالشاشة
ومن هنا، تسعى الشركة من خلال هذه الخاصية إلى استرضاء النواب والمشرعين، وتقديم نفسها كمؤسسة تقنية تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية، وتلتزم بمبادئ الرفاهية الرقمية.
صندوق الصحة العقلية في “تيك توك”: التزام يتجاوز التطبيق
ما هي المبادرات الأخرى المرتبطة بالصحة النفسية؟
إلى جانب خاصية التأمل، أعلنت “تيك توك” عن نيتها التبرع بـ2.3 مليون دولار في شكل إعلانات ممولة لصالح 31 منظمة غير ربحية تعنى بالصحة النفسية، موزعة على 19 دولة.
هذه الحملة تأتي ضمن جهود ما يسمى “صندوق التوعية بالصحة العقلية” الذي أطلقه التطبيق لدعم برامج التثقيف النفسي والوقاية من الاكتئاب والانتحار بين المراهقين.
لماذا تهتم “تيك توك” بالنوم الآن تحديدًا؟
الحقائق الرقمية والصحة العامة
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن أكثر من 60% من المراهقين يعانون من اضطرابات النوم بسبب استخدام الشاشات الذكية، وعلى رأسها التطبيقات الترفيهية مثل “تيك توك”.
وبحسب دراسة نُشرت عام 2024 في مجلة Sleep Research International، فإن المراهقين الذين يستخدمون الهاتف بعد الساعة 10 مساءً ينامون بمعدل أقل بـ 90 دقيقة مقارنة بأقرانهم.
هذه الأرقام دفعت كثيرًا من شركات التكنولوجيا إلى إعادة تصميم منصاتهم بما يتلاءم مع معايير الصحة العامة، ويبدو أن “تيك توك” بدأ يتحرك فعليًا في هذا الاتجاه.
ردود الأفعال على الخاصية الجديدة: ترحيب وفضول
كيف استقبل المستخدمون والمختصون التحديث الجديد؟
- الآباء والأمهات: أبدوا ارتياحهم لهذه الخاصية، واعتبروها وسيلة للمساهمة في ضبط سلوك الأبناء دون الدخول في صراعات مباشرة.
- الأخصائيون النفسيون: أشادوا بالفكرة، لكنهم شددوا على ضرورة توسيع التجربة لتشمل عناصر دعم نفسي أكثر عمقًا.
- المراهقون أنفسهم: انقسموا بين من يرى في الخاصية تقييدًا لحريتهم، وبين من يرى أنها فرصة لتحسين نومهم.
التحديات المحتملة أمام نجاح الخاصية
هل يكفي التأمل لضمان نوم جيد؟
رغم أهمية الخاصية، إلا أن هناك عدة تحديات قد تُقلل من فعاليتها، منها:
- إمكانية التلاعب بالإعدادات لتجاوز القيود الزمنية
- عدم الالتزام الفعلي بالرسائل الموجهة
- اعتياد الدماغ على التحفيز الدائم من الفيديوهات، مما يقلل من تقبل بيئة التأمل
- لهذا، تبقى الحاجة إلى تكامل تقني نفسي تربوي شرطًا لضمان أثر طويل الأمد.
مستقبل “تيك توك” كأداة للرعاية الرقمية
هل تصبح المنصة حليفًا للصحة العقلية بدلًا من تهديدها؟
التحول الذي نشهده اليوم يعكس بداية توجه جديد نحو ما يسمى بـ**”التقنيات الرحيمة” (Compassionate Tech)**، حيث تسعى الشركات إلى:
- تقليل التشتت والإدمان
- تعزيز الاستفادة الصحية من التكنولوجيا
- بناء أدوات تعزز النوم، الإنتاجية، والمشاعر الإيجابية
إذا استمرت “تيك توك” على هذا النهج، فقد يتحول من تطبيق ترفيهي متهم بالتأثير على العقل، إلى منصة مسؤولة تُستخدم لدعم التوازن النفسي والاجتماعي.
أسئلة شائعة حول خاصية التأمل على تيك توك
هل يمكن تعطيل الخاصية من قبل المراهق؟
لا، الخاصية مفعّلة تلقائيًا لمن هم تحت 18 سنة، ولا يمكن تعطيلها دون إشراف ولي الأمر.
هل يظهر المحتوى التأملي في كل لغة؟
نعم، تم تصميم المحتوى التأملي ليتوافق مع اللغات المحلية لكل منطقة.
هل المحتوى مخصص فقط للنوم؟
في المرحلة الأولى، نعم، لكن التخطيط يتجه لتوسيعه ليشمل القلق والدراسة والتركيز.
هل يتم جمع بيانات من خلال هذه الخاصية؟
لا تُجمع بيانات خاصة من خلال استخدام “خاصية النوم”، كما تؤكد الشركة في بيانها.
خاتمة: خطوة في الاتجاه الصحيح.. هل تنجح تيك توك في تهدئة العاصفة؟
في زمنٍ تتزايد فيه الأصوات الناقدة للمنصات الرقمية، وتُرفع فيه تقارير صحية عن مخاطر الاستخدام المفرط، تأتي خطوة “تيك توك” بإطلاق خاصية التأمل والمساعدة على النوم لتؤكد أنه بالإمكان الجمع بين الترفيه والوعي، وبين النجاح التجاري والمسؤولية الاجتماعية.
ويبقى الرهان الحقيقي في قدرة المنصة على التطوير المستمر لهذه الخاصية، والتعاون مع المؤسسات الصحية والتعليمية لتعزيز مفهوم السلام الرقمي، لا سيما في صفوف الشباب، الذين يُعدون مستقبل المجتمعات، ورواد العالم الرقمي القادم.