في الثلاثين من يوليوز من كل عام، يخلد الشعب المغربي داخل وخارج أرض الوطن، مناسبة وطنية عزيزة على قلوب الجميع، وهي “عيد العرش”، التي تعد واحدة من أهم المحطات التاريخية والسياسية في المملكة المغربية. وفي عام 2025، يستعد المغاربة للاحتفال بالذكرى الـ 26 لاعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، في مشهد تتجلى فيه معاني الوفاء، الولاء، والتلاحم بين العرش والشعب.
فما هو تاريخ عيد العرش في المغرب 2025؟ وما دلالات هذه الذكرى المجيدة؟ وما مظاهر الاحتفال التي تميزها؟ إليكم التفاصيل في هذا المقال الشامل.
ما هو تاريخ عيد العرش في المغرب 2025؟
تُصادف ذكرى عيد العرش لعام 2025 يوم الأربعاء 30 يوليوز، وهو يوم عطلة رسمية في كافة أنحاء المملكة المغربية، تُعطَّل فيه المؤسسات العمومية والخاصة احتفالًا بهذه المناسبة الوطنية. ويُخلَّد هذا العيد سنويًا تخليدًا لذكرى جلوس صاحب الجلالة الملك محمد السادس على العرش في 30 يوليو 1999، عقب وفاة والده جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني.
ومنذ ذلك التاريخ، أصبح هذا اليوم فرصة لتجديد البيعة والولاء للملك، وللتأكيد على الروابط المتينة التي تجمع الشعب المغربي بالعرش العلوي المجيد.
رمزية عيد العرش في المغرب
ليست مجرد ذكرى عابرة في التاريخ، بل عيد العرش في المغرب يمثل محطة متجددة لتجسيد روح الوطنية والانتماء العميق للملكية باعتبارها ركيزة أساسية في استقرار المملكة ووحدتها.
ففي كل سنة، تُستحضر إنجازات الملك محمد السادس منذ توليه العرش، وما تحقق في عهده من تطورات نوعية في مجالات البنية التحتية، التعليم، الاقتصاد، الصحة، والعدالة الاجتماعية، ما جعل المغرب نموذجًا في الاستقرار والنمو داخل المنطقة.
كما تبرز الذكرى مشاعر الإجماع الوطني، حيث تتحد الأصوات والقلوب في تمجيد قيم الولاء والتلاحم، ويعبر المواطنون، في الداخل والخارج، عن فخرهم بقيادتهم ووطنهم.
جلالة الملك محمد السادس: رمز النهضة المغربية الحديثة
منذ أن جلس جلالة الملك محمد السادس على العرش، وضع نصب عينيه مشروعًا مجتمعيًا حداثيًا يرتكز على مبادئ العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتثبيت أسس الديمقراطية.
تميز عهد جلالته بإطلاق مشاريع كبرى مثل “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، ومخططات تنموية طالت العالم القروي، ومدن الصفيح، والمناطق الحدودية، إضافة إلى إصلاحات هيكلية في النظام الصحي والتعليمي والقضائي.
كما شهد المغرب في عهده انفتاحًا خارجيًا ملحوظًا، وعودة قوية إلى عمقه الإفريقي من خلال مبادرات التعاون الاقتصادي والإنساني، وتطوير علاقاته الاستراتيجية مع قوى دولية مؤثرة.
أبرز مظاهر الاحتفال بعيد العرش في المغرب
عيد العرش لا يقتصر على مظاهر بروتوكولية، بل يحمل طابعًا شعبيًا ووطنيًا بامتياز. إليكم أهم ما يميز الاحتفالات:
- الخطاب الملكي: يُوجَّه في هذه المناسبة خطاب سامٍ من طرف جلالة الملك إلى الأمة، يتضمن تشخيصًا للوضع الوطني، ورؤى استراتيجية للمستقبل.
- مراسيم الولاء: وهي من أبرز الطقوس التقليدية، حيث يُقدِّم كبار الشخصيات والمسؤولين البيعة للملك.
- الأنشطة الفنية والثقافية: تُنظم عروض فنية، موسيقية، ومعارض تراثية في جميع أنحاء البلاد.
- المواكب الاستعراضية: تتزين الشوارع بالأعلام الوطنية وصور الملك، وتُقام عروض عسكرية ومراسم احتفالية.
- عفو ملكي: يصدر جلالته عادة عفوًا ملكيًا عن مجموعة من السجناء، في بادرة تعكس روح التسامح والإنسانية.
تفاعل الشعب المغربي مع ذكرى عيد العرش
يُعبّر المغاربة في الداخل والخارج عن فرحتهم بهذه المناسبة عبر مظاهر متعددة:
- مشاركات شبابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغات مثل #عيد_العرش و#الولاء_للوطن.
- كلمات تهنئة من الجاليات المغربية في الخارج.
- مبادرات تطوعية وخيرية في القرى والمناطق النائية.
- فقرات احتفالية في المدارس والجمعيات، تجسد قيم الوطنية والتاريخ المشترك.
عيد العرش وعلاقته بالاستقرار الوطني
تأتي أهمية عيد العرش من كونه رمزًا متجددًا للاستقرار والوحدة الوطنية. فرغم كل التحديات الجيوسياسية التي تحيط بالمغرب، إلا أن التلاحم بين القيادة والشعب ظل دائمًا صمام أمان.
ويُعد هذا العيد فرصة سنوية لتقييم ما تحقق، وتوجيه البوصلة نحو المستقبل برؤية موحدة تحت قيادة جلالة الملك.
هل عيد العرش في المغرب مناسبة رسمية فقط؟
بالرغم من الطابع الرسمي المرتبط بالمراسيم، إلا أن عيد العرش تحوّل إلى مناسبة شعبية بامتياز. ففيه يتلاقى التاريخ مع الوجدان، وتندمج مشاعر الحب والولاء مع طموحات التحديث والتقدم.
كما أن الطابع الاحتفالي لا يُنظَر إليه باعتباره مجرّد فولكلور، بل يحمل أبعادًا رمزية ومعنوية كبيرة في المخيال الجمعي المغربي.
لماذا يُحتفل بعيد العرش في 30 يوليو وليس يوم التتويج الفعلي؟
تجدر الإشارة إلى أن اعتلاء الملك محمد السادس للعرش كان بتاريخ 23 يوليو 1999، أي بعد وفاة الملك الحسن الثاني بيوم واحد. لكن الاحتفال الرسمي يتم في 30 يوليو، وهو التاريخ الذي ألقى فيه جلالته أول خطاب ملكي للشعب المغربي، إيذانًا ببدء العهد الجديد.
- ومن هنا جاء اختيار هذا اليوم ليُخلّد سنويًا باعتباره عيد العرش.
- عيد العرش في الأدب والفنون
- لا تخلو الأدبيات المغربية من قصائد وأناشيد تمجد عيد العرش، منها ما يُردد في المدارس، ومنها ما غنّاه الفنانون في مناسبات وطنية.
- كما ظهرت أفلام وثائقية حول محطات من مسيرة جلالة الملك محمد السادس، وحول تطور المغرب في عهده.
الخاتمة: عيد العرش.. ذاكرة حية ومستقبل واعد
في كل عام، لا يُمثّل عيد العرش مجرد لحظة احتفال، بل هو استذكار لمسيرة ملك وشعب، وعهد يتجدد بين القيادة الرشيدة وأبناء الوطن. إن تاريخ عيد العرش في المغرب 2025 هو أكثر من مجرد يوم في التقويم، إنه مناسبة لترسيخ قيم الوفاء والنهضة، وتجديد العهد مع وطن يسير بخطى ثابتة نحو المستقبل.
