فعاليات الاحتفال بيوم المرأة العُمانية 2025: تكريمٌ لمكانة استثنائية ومسيرة ناصعة في بناء الوطن

في كل عام، وتحديدًا في السابع عشر من أكتوبر، تعيش سلطنة عُمان لحظات استثنائية تُشبه زهو الربيع حين يزهر في صحراءٍ شامخة، يوم المرأة العُمانية ليس مجرد تاريخ على التقويم، بل هو موعد متجدد للاحتفاء بالركيزة الأهم في تنمية المجتمع العُماني ونهضته المتجددة، بالمرأة التي أثبتت عبر الزمن أنها شريك لا غنى عنه في كل مرحلة، من التعليم إلى السياسة، ومن الطب إلى الابتكار.
في هذا المقال الحصري، نغوص في تفاصيل الاحتفال بيوم المرأة العُمانية لعام 2025، ونرصد الفعاليات والرمزيات والرسائل التي يحملها هذا اليوم، ونستعرض الإنجازات التي تؤكد المكانة المتقدمة للمرأة في سلطنة عمان.
مقدمة عن يوم المرأة العُمانية
ليس من قبيل الصدفة أن تُخصص سلطنة عُمان يومًا وطنيًا للاحتفاء بالمرأة، بل هو قرار نابع من إيمانٍ عميق بالدور المحوري الذي تلعبه المرأة في بناء الدول واستدامة المجتمعات.
جاء الإعلان عن هذا اليوم لأول مرة في عام 2009 بمباركة من السلطان الراحل قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، ليكون السابع عشر من أكتوبر من كل عام مناسبة رسمية تعبر فيها عُمان عن عرفانها للمرأة العُمانية.
وقد سار على النهج نفسه جلالة السلطان هيثم بن طارق، الذي أولى تمكين المرأة اهتمامًا خاصًا في رؤيته لعمان 2040، لتصبح المرأة شريكًا حاضرًا في صياغة الحاضر وبناء المستقبل.
لماذا السابع عشر من أكتوبر؟ الرمز والدلالة
اختيار هذا التاريخ لم يكن عشوائيًا، بل يحمل في طياته الكثير من الرمزية؛ ففي مثل هذا اليوم، التأمت أول ندوة وطنية شاملة لمناقشة واقع المرأة العُمانية وطموحاتها في عهد النهضة. من هنا، أصبح هذا اليوم فرصة متجددة كل عام لإعادة تقييم الإنجازات، والتخطيط لآفاق جديدة تدعم المرأة العُمانية في جميع المجالات، بما يتماشى مع متطلبات العصر وتحولات المجتمع.
أهداف يوم المرأة العُمانية 2025
1. الاعتراف الرسمي بإنجازات المرأة
في يوم المرأة العُمانية، تُسلط الأضواء على قصص النجاح التي سطّرتها النساء في مجالات شتى، من الطب والهندسة إلى الإدارة، التعليم، الإعلام، والفن. يُكرم هذا اليوم الرائدات، ويُلهم الأجيال القادمة من الفتيات ليحملن الراية بثقة.
2. تعزيز الدور المجتمعي للمرأة
يُعد الاحتفال فرصة لإعادة التأكيد على أن المرأة ليست فقط نصف المجتمع، بل هي المُحرك الأساسي لأسرٍ مستقرة، ومجتمعات مزدهرة، واقتصاد واعد. المشاركة الفاعلة للمرأة في الحوار الوطني، والأنشطة المدنية، والقرار السياسي، من أهم الرسائل التي يُعيد اليوم الوطني للمرأة تذكيرنا بها.
3. إعلاء صوت النساء في السياسات العامة
يُعد هذا اليوم مناسبة للمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لمراجعة السياسات المتعلقة بالمرأة، وتقديم مبادرات جديدة تعزز تمكينها، وتزيل ما قد يقف أمامها من عقبات.
فعاليات الاحتفال بيوم المرأة العُمانية 2025
حفلات التكريم الوطنية
في مختلف محافظات السلطنة، تُنظم حفلات رسمية لتكريم النساء المتميزات في المجالات المهنية، الاجتماعية، والثقافية. وتُمنح شهادات تقدير وجوائز رمزية تحمل توقيع كبار الشخصيات الوطنية، ما يُضفي على هذا اليوم طابعًا فخريًا خاصًا.
الندوات الحوارية المفتوحة
في 2025، يُتوقع تنظيم أكثر من 30 ندوة وطنية في مختلف ولايات عُمان، تحت إشراف وزارة التنمية الاجتماعية، بالتعاون مع الجامعات والجمعيات النسوية، لتناقش مواضيع مثل:
- المرأة العُمانية وريادة الأعمال.
- التحديات القانونية أمام النساء.
- التوازن بين الحياة المهنية والأسرية.
- المرأة في التكنولوجيا والتحول الرقمي.
معارض المشاريع النسائية
إحدى الفعاليات البارزة هذا العام هي “معرض رائدات 2025″، الذي يُقام في العاصمة مسقط ويعرض مشاريع نسائية متميزة في مجالات الإنتاج المنزلي، التكنولوجيا، الابتكار، الزراعة الذكية، والتصميم.
ورش عمل تمكينية
تنظم المؤسسات التعليمية ورشًا تفاعلية تستهدف الطالبات والنساء الراغبات في دخول سوق العمل، تشمل محاور:
- كتابة السيرة الذاتية.
- كيفية تأسيس مشروع صغير.
- المهارات الرقمية الأساسية.
- التطوير المهني والقيادي.
عروض فنية وموسيقية
الاحتفال بالمرأة لا يكتمل دون لمسة إبداعية، لذا تُنظم عروض فنية مستوحاة من التراث العُماني، تُشارك فيها فنانات ومبدعات، وتُعرض خلالها أزياء تقليدية عُمانية تجسد التنوع الثقافي للسلطنة، إلى جانب لوحات شعرية وموسيقية تؤكد أن للمرأة صوتًا في الفن كما في الاقتصاد.
المرأة العُمانية في رؤية 2040
ضمن رؤية “عُمان 2040″، وضعت الحكومة تمكين المرأة في صميم السياسات الوطنية، ومن أبرز ما تحقق:
- رفع نسبة تمثيل النساء في مجلس الدولة ومجلس الشورى.
- زيادة نسب التحاق النساء بالجامعات بنسبة تتجاوز 60%.
- تزايد المشاريع المملوكة لسيدات أعمال.
- تعيين عدد غير مسبوق من النساء في مناصب قيادية حكومية.
وتُعد هذه الإنجازات دليلاً على نجاح السلطنة في ترجمة السياسات إلى نتائج فعلية، وهو ما يُحتفى به خلال هذا اليوم الوطني للمرأة.
نماذج ملهمة تُكرم في 2025
من بين أبرز الأسماء المرشحة للتكريم في احتفالات هذا العام:
- الدكتورة فايزة السعيدية: أول باحثة عمانية في علوم الفضاء.
- الشيخة نورة الحراصية: قائدة حملة “نساء للبيئة” التطوعية.
- المهندسة روان الغافرية: مبتكرة في الذكاء الصناعي.
- القاضية أمل البلوشية: أول امرأة تترأس محكمة تجارية في السلطنة.
- هؤلاء النساء وغيرهن يجسّدن روح المرأة العُمانية العصرية، التي تُثبت يومًا بعد يوم أنها قادرة على الإبداع، الريادة، والتأثير.
مشاركة المجتمع في فعاليات يوم المرأة
الاحتفال بيوم المرأة لا يقتصر على المؤسسات الحكومية، بل يُشارك فيه كافة أفراد المجتمع:
- المدارس: من خلال الإذاعات المدرسية، وتكريم الأمهات والمعلمات.
- الجامعات: عبر تنظيم ندوات ومسابقات طلابية تتعلق بالمرأة.
- الشركات: بمنح موظفاتها إجازة رمزية أو إقامة احتفال داخلي.
- وسائل الإعلام: عبر بث برامج تسلط الضوء على إنجازات المرأة.
الجانب الاجتماعي: أكثر من احتفال
يُمثل يوم المرأة العُمانية فرصة للمجتمع لإعادة النظر في الدور الحقيقي للمرأة، وإعادة تقييم السلوكيات اليومية تجاهها. هو دعوة لحماية حقوق المرأة في البيت والعمل، ودعمها في تحقيق توازنها الداخلي، النفسي والمهني، وتأكيد أن احترام المرأة لا يكون فقط في الاحتفال، بل في السلوك اليومي.
كيف يرى الشباب العُماني هذا اليوم؟
أظهر استطلاع حديث أجرته جامعة السلطان قابوس، أن 92% من الشباب العُماني يرون أن يوم المرأة هو “أكثر من مجرد مناسبة”، بل هو حافز للنقاش الوطني حول القضايا النسوية، ونافذة للتعبير عن التقدير لأمهاتهم، زميلاتهم، ومعلماتهم.
تحديات ما بعد 2025
رغم الإنجازات الكبيرة، إلا أن طموح المرأة العُمانية لا يزال يواجه بعض التحديات:
- الحاجة إلى مزيد من التمثيل في الشركات الكبرى.
- تعزيز حماية المرأة من العنف الأسري.
- كسر الصور النمطية التي تضع قيودًا غير مبررة على دورها.
- وتُعد فعاليات هذا اليوم فرصة لإيصال هذه المطالب بوضوح، وبناء تحالفات مجتمعية ومؤسساتية لمعالجتها.
الفقرة الختامية
إن يوم المرأة العُمانية في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2025 ليس فقط احتفالًا رسميًا، بل هو لحظة وعي واعتراف بجوهر المجتمع وأساس تطوره. إنها لحظة تأمل، ودعوة للتفاؤل، ورسالة إلى كل امرأة عُمانية أن مكانك في السماء بقدر ما تصنعين من أثر في الأرض.
في هذا اليوم، تُضاء القلوب كما تُضاء القاعات، وتُرفع الأعلام كما تُرفع الأصوات، لتقول: شكرًا لكل امرأة عُمانية جعلت من هذا الوطن أكثر ازدهارًا، وأكثر إنسانية، وأكثر أمانًا.