خطبة عيد الأضحى قصيرة ومكتوبة 2023 – 1444 pdf

يترقب العالم الإسلامي وجميع المسلمين الموجودين على وجه الأرض لإمكانية الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، والذهاب باكراً في الصباح إلى صلاة العيد التي حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها، وسماع الخطب، وتختلف الخطب في عيد الأضحى المبارك لاحتوائها على دروس ومقاطع حسب الزمان وفضيلة العشر الأولى من ذي الحجة ويستخدم الدعاة على منابر المساجد العديد من العبارات التي وردت في الخطبة النبوية يوم الحج العظيم.

خطبة عيد الأضحى
خطبة عيد الأضحى

خطبة عيد الاضحي مختصرة

من الخطب التي يتناولها الدعاة في عيد الأضحى أيضاً هي خطبة أداب وأخلاق الحج ووجوب الحج والحث عليه والإكثار من ذكر الله تعالى وهي:

الحمد لله الذي فرض على عباده حج بيته الحرام، أحمده -سبحانه- وأشكره على نعمه وخيراته الجسام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك القدوس السلام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أفضل من صلى وزكى وصام وطاف بالبيت الحرام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

عباد الله: في هذه الأيام تتجه قلوب المسلمين وتتحرك أبدانهم إلى بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة؛ حيث أداء ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام، قال -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: 97].

 

فالحج فريضة على المستطيع، ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة إجماعاً قطعياً، فمن جحدها فقد كفر، ومن تركها تهاونا فهو على خطر، وفيه من المنافع والحكم وإقامة ذكر الله وتوحيده ما لا يخفى على ذي بصيرة؛ (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)[الحج: 28].

 

والحج له آداب وأخلاق ينبغي أن يتحلى بها الحاج؛ حتى يكون حجه مبروراً وسعيه مشكوراً، وأولها وأولاها: تحقيق التقوى؛ فهي جماع الخير، والحجُّ فرصة عظمى للتزود من التقوى، كما قال -تعالى-: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ)[البقرة: 197].

 

ومن أدب الحج: أن يكون لوجه الله خالصًا, قال -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)[البقرة: 196], فلا رياء ولا سُمْعة، روى ابن ماجة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: حَجَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على رَحْلٍ رَثٍّ، وقَطِيفة تُساوي أربعة دراهم، أو لا تُساوي، ثم قال: “اللهمَّ حَجَّة لا رِياءَ فيها، ولا سُمْعَة”.

 

ومن أدب الحج: أن يكون موافقًا للهدي النبوي؛ استجابة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ”، فيتربى المسلم على التزام السنة والاهتداء بها في جميع شؤونه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب: 21].

 

أدب الحج الاتباع, فلا غلو ولا ابتداع, قَبَلَ عمر -رضي الله عنه- الحجر الأسود وقال: “إنِّي أعلُم أنَّك حَجَرٌ ما تَنفعُ ولا تَضُرُّ، ولولا أنِّي رأيتُ رسولَ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُقبِّلُك ما قَبَّلتُكَ”(متفق عليه), فهو يقبل اتباعًا للسنة، لا رجاء للنفع، أو خوف الضر؛ فالعبادة لله وحده, لا يجوز صرفها لغيره من دعاء واستغاثة وذبح ونذر، ولا تعلق بغير الله من الخلق مهما كانوا، أو التبرك بالقبور أو الآثار المكانية والصلاة فيها، وهل وقع الشرك في بني آدم إلا بسبب الغلو في الصالحين، قال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: “إياكم والغلو؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين”.

 

ومن أدب الحج: تعظيم حرمات الله وتوقير شعائره, فالحاج يتذكر حرمة الزمان والمكان؛ فالزمان هو الشهر الحرم، والمكان هو البلد الحرام؛ وكفى بذلك رادعا عن الحرام، وزاجراً عن انتهاك حدود الملك العلام؛ (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32].

 

معاشر الإخوة في الله: إن الله -تعالى- حرّم ‫مكة منذ خلق السموات والأرض، قال -تعالى- (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا)[النمل: 91] ، وقال -سبحانه-: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا)[البقرة: 125], وقال -صلى الله عليه وسلم-: “إن مكة حَرَّمَهَا الله -تعالى-، ولم يُحَرِّمْهَا الناس، فلا يحل لِامْرِئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرة”(متفق عليه).

 

والحرم لا يقطع شوكه ولا شجره ولا يُنفِّر صيده, ولا يَلتقط لقطته إلا بقصد التعريف، وقد توعد الله -سبحانه- من همّ بعمل سوء في الحرم؛ (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)[الحج: 25]؛ فلا يجوز شرعًا لأي حاج أن يضر نفسه أو يسعى لإيصال الضرر إلى الآخرين، من استغلال المناسك في إحداث الفوضى، أو رفع الشعارات السياسية والحزبية والنعرات القومية والتعصبات المذهبية؛ فكل هذه الأمور مخالفة لمقاصد شعيرة الحج وغايتها الأساسية، التي أمرنا الله فيها بالخضوع والتذلل له -جل جلاله-.

 

ومن أدب الحج: ضرورة الالتزام بالضوابط والإجراءات التي وضعتها سلطات الحج للتيسير على ضيوف الرحمن, وتسهيل أداء المناسك في أمن وسلامة، وعلى رأسها الالتزام بإجراءات التفويج, والوسائل المرتبطة بذلك تحقيقًا لمصالح الحجاج؛ فطاعة ولي الأمر هي طاعة لله ولرسوله كما قال -صلى الله عليه وسلم-: “مَن أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن يُطِعِ الأمِيرَ فقَدْ أطَاعَنِي، ومَن يَعْصِ الأمِيرَ فقَدْ عَصَانِي”(رواه البخاري).

 

ومن آدب الحج: التحلي بالأخلاق والقيم الفاضلة قال -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)[البقرة: 197].

 

الحج ترويضٌ للنفس على الصبر والحلم, وإعراض عن الجاهل, وتحمل المشقة في سبيل مرضاة الله، وضبط الجوارح وكفها عن الحرام, وبعد عن الفسوق والعصيان، صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “من حج ولم يرفث ولم يفسق؛ عاد من حجه كيوم ولدته أمه”.

 

ومن أدب الحج: سعى المسلم في مصالح إخوانه من حجاج بيت الله الحرام, بمواساتهم والإحسان إليهم بوجه طليق وكلام لين، وإعانتهم بقدر المستطاع، كأن يرشد ضالهم، ويعلم جاهلهم، ونحو ذلك.

 

ومن أدب الحج: الأخذُ بأسباب الوقاية والسلامة، وأخذ التطعيمات واللقاحات اللازمة، وتوقي حر الشمس؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ضربت له خيمه بنمرة, فنزل بها وهو محرم، فالاستظلال من الشمس وتوقيها لا حرج فيه، ولا يدخل في نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تغطية الرأس للمحرم؛ لأنه يقصد بذلك التغطية.

 

ومن أدب الحج: لزوم السكينة، والتأني والخشوع عند أداء العبادات؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يَومَ عَرَفَةَ، لما سَمِعَ ورَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا، وضَرْبًا وصَوْتًا لِلْإِبِلِ، فأشَارَ بسَوْطِهِ إليهِم، وقال: “أيُّها النَّاسُ! علَيْكُم بالسَّكِينَةِ؛ فإنَّ البِرَّ ليسَ بالإِيضَاعِ”(رواه البخاري)؛ فالحاج منهي عن الإسراع لما يفضي إليه من التزاحم والتدافع وأذية المسلمين, ومن ذلك إيذائهم بالتدخين أو نحو ذلك.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

خطبة عيد الأضحى

يوجد العديد من الخطب التي من الممكن أن يتناولها الدعاة على منابر المساجد ويقتبس المشايخ من الخطب التي قيلت من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوج الحج الأعظم ومنها:

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ إيماناً بكمالهِ وعظمتهِ، وخضوعاً لجلالهِ وعزتهِ، وتسليماً لحِكمته ومشيئتهِ، وطمعاً في كرمِه وجنتهِ؛ (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ).

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، يهدي من يشاءُ بفضله ورحمته، ويضِلُ من يشاءُ بعدله وحكمته؛ (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ).

وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ وسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، وأمينهُ على وحيه، أضاءَ الدنيا بسنته، ورحم العالمين بدعوته، و(اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)، ﷺ وأنْعمَ عليه، وعلى آله وأهلِ بيتهِ وصحابتهِ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ….

 

أمَّا بعدُ: فأوصيكم -أيُّها النَّاسُ ونفسي- بتقوى الله -عزَّ وجلَّ-، فاتقوا اللهَ رحمكم اللهُ، واغتنموا الساعات، وسارعوا في الخيرات، واحذروا الغفلاتِ فإنَّها دركاتٌ .. الأيامُ قوافِلٌ، والأعمار مراحل، وكلُّ من في هذه الدنيا راحِلٌ وابن راحِل، فأينَ المتبصِّرُ وأين العاقلُ؟ (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ)..

 

معاشر المؤمنين الكرام: الحجُّ إلى بيت الله الحرام، رحلةٌ مليئةٌ بالحكم والأسرار، فما أروعها من رحلة، وما أعظمها من شعائر، وما أصدقها من مشاعر .. رحلةٌ جمعت بين شرف الزمان، وشرف المكان، وشرف الأعمالِ، فيا لجلال الموقف، ويا لروعة الحال ..

 

وكم للحجِّ من حكمٍ عظيمة، ومعانٍ عميقة، وأسرارٍ حكيمة ..

فمن أسرار الحجِّ الخالدة، أنه يصلُ حاضرَ الأمةِ الإسلاميةِ بماضيها، والمسلمُ كلما ارتبطَ بهذه البقاع الطاهرة, كلما كان أقرب إلى الاقتداء بالرعيل الأول، تأمل: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) ..

 

ومن أسرار الحج البديعة: أن الحاج يُنتزعُ من بيئته التي تعود عليها، والتي كثيرٌ مما فيها يُلهي ويُشغِلُ عن ذكر الله وطاعته، وينتقلُ إلى بيئةٍ مُغايرة، كلُّ ما فيها يُذكِّرُ بالله ويُعينُ على طاعته .. فلا يرجعُ الحاجُّ إلى بيئته الأولى إلا وقد صفت نفسه، وانجلى قلبه، وسمت روحه، ولانت جوارحه وصلحت أحواله .. في الحديث الصحيح: “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه” ..

 

ومن أسرار الحجِّ الجليلة: أنَّه أفضلُ عملٍ يُحبهُ الله -عزَّ وجلَّ- بعد الإيمان والتوحيد، والجهاد، فقد جاء في الحديث الصحيح: “أفضلُ الأعمالِ الإيمانُ باللهِ وحدَه، ثمَّ الجهادُ، ثمَّ حجَّةٌ مَبرورةٌ، تَفضُلُ سائرَ الأعمالِ، كما بين مطلِعِ الشَّمسِ إلى مغرِبِها”، وفي البخاري ومسلم: “والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” ..

 

ومن أسرار الحجِّ الجميلة: أنه إعلانٌ عمليٌ لمبدأ المساواة والأخوة بين الناس: ففي الحجِّ تتجلى روح المساواة بأسمى صورها، وتبرز معاني الأخوة بأرقى أشكالها .. فالوجهة واحدة، والهدَف واحِد، واللباس واحد، والنداء واحد، والوقوف على صعيد واحد، والاشتراك في شعائر واحدة .. فتتحقق المساواة بين المسلمين رغم اختلاف أجناسهم وألوانهم، وتباين ألسنتهم واختلاف بلدانهم، لكن الحجَّ يساوي بينهم، فلا فرق بين أبيض ولا أسود، ولا بين عربي ولا عجمي، الكل في الحجِّ سواء: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ)..

 

ومن أسرار الحجِّ العميقة .. التذكيرُ بالرحيل الى الدار الآخرة، فالحاجُّ يُغادر وطنهُ الذي ألفهُ ونشأ في ربوعه، وكذا الميت إذا انقضى أجلهُ يُغادرُ دنياهُ التي عاشَ فيها، والميتُ يُجردُ من ثيابه، ويُغسلُ ويُكفنُ في أكفانٍ بيضاء، وكذا الحاجُّ يتجردُ من ثيابه طاعةً لله -تعالى-، ويغتسلُ ويلبسُ رداءينِ أبيضينِ لإحرامه، وفي عرفاتٍ والمشعرِ الحرامِ يجتمعُ الحجيجُ في صعيدٍ واحدٍ، وفي يوم القيامة يُبعثُ الناسُ ويساقون إلى الموقف: (يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ)، فالحجُّ مظهرٌ مصغرٌ ليوم القيامة، ولذا افتتحَ اللهُ سورة الحجِّ مذكراً بيوم القيامة، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) ..

 

ومن أسرار الحجِّ الرائعة: كثرةُ المنافع، تأمَّلْ قولَ الله -جلَّ وعلا-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)، وكيف أنَّ كلمةَ: (مَنَافِعَ) جاءت نِكرة بصيغة الجمع؛ لتفيدُ العمومَ والشمول والتعظيم .. فهي منافعُ كثيرةٌ وعظيمة، تشمل منافعَ الدنيا ومنافعَ الآخرة ..

 

ومن أسرار الحجِّ ودروسه: أنه تربيةٌ على كَثرة الذكرِ والمناجاة, والتضرُّع والدعاء؛ فالله -جلَّ وعلا- يقول: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)، وإذا تأملت أعمال الحاج رأيت أنها كلها ذكرٌ ومناجاة: فالتلبية ذكر ومناجاة، وهكذا الطواف والسعي، والوقوف بعرفة ومزدلفة، وبعد رَمْي الجَمْرتين الوسطى والصغرى؛ وعند الحلق والذبح، وفي كل موطنٍ وموقف ذكرٌ ودعاء ومناجاة .. بل حتى بعد انقضاء المناسك: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) ..

 

ومن أسرار الحِّج وحكمه الجليلة: أنه فرصةٌ سانحةٌ للتعارف، والتقارب وتقوية الأواصر بين المسلمين، يقول الله -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) .. فوحدة الدين أقوى من أي وحدة، فهي توحد القلوب قبل أن تكون وحدةٍ بين الشعوب، وصدق الله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ..

 

ومن أسرار الحجِّ البديعة، أنه يغيرُ الكثيرَ من القناعاتِ السلبية، ففي الحجّ يتعلمُ المسلمُ أنّ كثيراً مما كان يراهُ ضروريًّا يصعبُ الاستغناء عنه، أنّه ليس كذلك، وأن كثيراً من الأمور التي تعود الانسان عليها يمكن الاستغناء عنها ..

 

ومن أسرار الحجِّ المميزة: أنهُ رحلةٌ قدسيةٌ مباركة، تتضاعفُ فيها الأجورُ أضعافاً كثيرة؛ ففي الحديث الصحيح: “صلاةٌ في المسجد الحرام خيرٌ من مائة ألف صلاة فيما سواه” .. وفي حديثٍ حسنٍ عجيب، أنه ﷺ جَاءَهُ رَجُلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْصَارِيٌّ، وَالْآخَرُ ثَقَفِيٌّ، فَسَلَّمَا عَلَيْهِ وَدَعَوَا لَهُ, فَقَالَا: جِئْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِنَسْأَلَكَ، فَقَالَ: إنْ شِئْتُما أخبَرْتُكما بما جِئْتُما تسألاني عنه فعلْتُ، وإنْ شِئْتُما أنْ أُمْسِكَ وتسألاني فعلْتُ، فقالا: أَخبِرْنا يا رسولَ اللهِ، فقال للأنصاريِّ: جِئْتَني تسألُني عن مَخْرَجِكَ مِن بَيتِكَ تَؤُمُّ البيتَ الحرامَ، وما لكَ فيه، وعن ركعتَيْكَ بعدَ الطَّوافِ وما لكَ فيهما، وعن طوافِكَ بينَ الصَّفا والمروةِ وما لكَ فيه، وعن وقوفِكَ عَشِيَّةَ عرفةَ وما لكَ فيه، وعن رميِكَ الجِمارَ وما لكَ فيه، وعن نَحْرِكَ وما لكَ فيه، مع الإفاضةِ، فقال: والذي بعثَكَ بالحقِّ، لَعَنْ هذا جِئْتُ أسألُكَ، قال: فإنَّكَ إذا خرَجْتَ مِن بَيتِكَ تَؤُمُّ البيتَ الحرامَ، لا تضَعُ ناقتُكَ خُفًّا، ولا تَرْفعُهُ، إلَّا كَتَبَ (اللهُ) لكَ به حسنةً، ومَحَا عنكَ خطيئةً، وأمَّا ركعتاكَ بعدَ الطَّوافِ؛ كعِتْقِ رَقَبةٍ مِن بني إسماعيلَ، وأمَّا طوافُكَ بالصَّفا والمروةِ؛ كعِتْقِ سبعينَ رقبةً، وأمَّا وقوفُكَ عَشِيَّةَ عرفةَ؛ فإنَّ اللهَ يَهبِطُ إلى سماءِ الدُّنيا فيُباهي بكُمُ الملائكةَ، يقولُ: عِبادي جاؤُوني شُعْثًا مِن كلِّ فَجٍّ عميقٍ يرجونَ رحْمتي، فلو كانتْ ذُنوبُكم كعددِ الرَّملِ، أو كقَطْرِ المطرِ، أو كزَبَدِ البحرِ، لغَفَرْتُها، أَفيضوا عِبادي مغفورًا لكم، ولِمَن شَفَعْتم له، وأمَّا رَمْيُكَ الجِمارَ؛ فلكَ بكلِّ حصاةٍ رَمَيْتَها تكفيرُ كبيرةٍ مِنَ المُوبقاتِ، وأمَّا نَحْرُكَ؛ فمَدْخورٌ لكَ عندَ ربِّكَ، وأمَّا حِلاقُكَ رأسَكَ؛ فلكَ بكلِّ شَعرةٍ حَلَقْتَها حسنةٌ، وتُمْحى عنكَ بها خطيئةٌ، وأمَّا طَوافُكَ بالبيتِ بعدَ ذلكَ؛ فإنَّكَ تَطوفُ ولا ذَنْبَ لكَ .. يأتي مَلَكٌ حتَّى يضَعَ يدَيْهِ بينَ كَتِفَيْكَ، فيقولُ: اعمَلْ فيما تَستَقبِلُ؛ فقد غُفِرَ لكَ ما مَضى” ..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) …

 

أقول ما تسمعون ..

تحميل خطبة عيد الاضحى pdf

يبحث الكثير من الأشخاص عن خطبة العيط مكتوبة وجاهزة، حيث يمكنكم تحميل خطبة عيد الأضحى المباراة بصيغة pdf من خلال الضغط هنا مباشرة.